[وا هوناه ..]
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[01 - 01 - 08, 02:12 ص]ـ
الحمد لله الذي لا عز إلا في طاعته، ولا ذل إلا في معصيته.
والصلاة والسلام على خير من صلى وصام، وحج البيت الحرام،
وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن ما وصلت إليه أمة الإسلام اليوم من ضعف وخور، وذل وهوان، إنما هو ضريبة الانحرافِ عن منهج القرآن والسنة، ومخالفةِ أمر الله تعالى وعدم التمسك بحبله، وما خبر حجاج غَزَّة منا ببعيد
أيها المؤمنون:
{أوَلمَّا أصابتكم مصيبةٌ قد أَصَبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفُسِكم}
إن الأمة قد ضيعت أمر ربها في الجملة حيث يقول سبحانه: {وأَعِدُّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}
وضيعت أمر ربها حيث يقول: {فاستمسك بالذي أوحِيَ إليك}
وضيعت أمر ربها حيث يقول: {واعتصِموا بحبل الله جميعاً ولا تَفَرَّقوا}
إن الحل لمشكلات المسلمين العقديةِ منها والسياسيةِ والاجتماعيةِ والاقتصادية في كتاب الله تعالى
وقد بين العلة في تسلط الكفار على المسلمين بقوله:
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ* إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
فالتنازع في الأمر ومعصية الرسول وإرادة الدنيا سبب هذا التسلط كما وقع يوم أُحُد ودارت الدائرة على الجيش المنتصر، والذي كان فيه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأفضل هذه الأمة بعده.
ولو علم الله في قلوب عباده المؤمنين صِدق العقيدة والإيمان وإخلاص النية والرغبة فيما عنده لجاءتهم جنودٌ من عنده فهابهم الناس، ولنصرهم نصراً مؤزراً، ولدافع عنهم ورد عدوهم.
{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ. يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ *
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ}
وإن للمسلمين اليوم لدروساً عظيمةً في غزوتي أُحُدٍ والأحزاب علهم أن يفيدوا منها
{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}
فما نتيجة هذا الإيمان والتسليم؟
اقرأ قول الله تعالى:
{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا*
وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}
فعلى الأمة أن تعرف واجبها الإيماني، وواجبها في إعداد القوة
وأن يبدأ الفرد بالسعي في إصلاح نفسه وتزكيتها، والسعي لإصلاح أهله وعشيرته الأقربين، ولله عاقبة الأمور
ولله دَر من تمسكوا بحبل الله وعرفوا ما أوجبه الله عليهم فنُصِروا ..
وإن كانوا في ظاهر الأمر قليلي العدة والعتاد والأموال
يا مَن يرى عُمَراً تكسوه بردتُهُ ... والزيتُ مأْدَمُه والكوخُ مأواهُ
يهتزُّ كسرى على كرسيه فَرَقاً ... مِن بأْسِهِ، وملوكُ الأرض تخشاهُ
وأما الآن فيصدق أن يقال فينا:
يا من لذلة قوم بعد عزهمُ ... أحال حالهم كفر وطغيان
بالأمس كانوا ملوكاً في منازلهمْ ... واليوم هم في بلاد الكفر عبدان
اللهم فرج هم إخواننا المسلمين، وأصلح أحوالنا أجمعين.
والحمد لله رب العالمين
¥