[القارئ والخردة!]
ـ[أبو عبدالله بن محمد]ــــــــ[20 - 01 - 08, 11:30 ص]ـ
[القارئ والخردة!]
غالبًا أصل إلى بيتي قرابة أذان العصر في رمضان؛ لأن الدوام الرمضاني يختلف عن باقي الشهور .. .
بعد الصلاة أحضر ما نقص وما تطلبه زوجي لإعداده في الإفطار! ثم أرتاح حتى قريب أذان المغرب. بعدها أوصل بعض الأطباق في بعض الأحيان من بيت والدي إلى بعض بيوت الجيران أو إلى المسجد .. .
قبل أذان المغرب بساعة أو نصفها أشاهد منظرًا مثيرًا يوميًا يجعلني أبتسم في وجه أخٍ ألقاه في ذلك الوقت المحدد وهو يبادلني نفس الشعور من الابتسامة والضحك الخفيف ثم يمضي كل منا إلى بيته .. كيف لا وقد كان ذلك الشخص يلبس بنطالاً وقميصًا رياضيًا وليس على رأسه شيء كأنه من عامة الناس .. أرى وجه وقد علاه الغبار والتعب لأنه يعمل في مستودع للخردة أمين صندوق ومساعد للمشرف على العمال، وقد استفاد في هذا العمل معرفة أنواع كثيرة من المعادن وأسعارها ومعرفة الجيد من رديئها والغالي من رخيصها ..
فالخردة (كنز ثمين) لا يعرف قدرها إلا من دخل فيها .. . أصحاب الخردة تجار إذا فهم الداخل فيهم السوق وبنى فيه علاقات مع الآخرين من اجل استقطاب الزبائن بالأسعار المنافسة والخامات المطلوبة، واستقطاب البائعين بأخذ ما عندهم بسعر جيد وحسن معاملة ..
وبعد صلاة العشاء يتقدم ذلك العامل في الخردة إلى محراب مسجد الحي ـ وهو في أبهى حلة ـ ليصلي بالناس صلاة التراويح! بذلك الصوت الشجي وتلك القراءة الحجازية المؤثرة.
ذلك هو الأخ المفضال خالد بن محمد الفحام المروعي كيف لا وهو من حفظة كتاب الله المتقنين لحفظه وتجويده، وهو طالب علم درس في معهد الحرم المكي حتى أتم دراسته فيه، ودرس في دار الحديث الخيرية حتى أتم الدراسة فيها .. والآن يعمل مع أخوته في (الخردة) أمينًا للصندوق كما أسلفنا ..
كانت تلك الصورة مؤثرة في نفسي لأن هذا الأخ لم يأنف من أن يعمل في تلك المهنة التي قد ينتقصها البعض لأنها لا تناسب مقامه!، وفي نفس الوقت هو رجل يريد أن يتحمل المسؤولية ويعتمد على الله ثم على نفسه ..
ثم وهو على وضعه الحالي لم يفتر عن القراءة بل حريص على تلقي العلم والقراءة والالتصاق بالعلم وأهله لأنه يرى أن الرفعة في معرفة ما يقرب إلى الله وإتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بينما أنا وغيري ممن أكبره سنا ـ لا علمًا وفقهًا ـ استسلم لضغوط الحياة ولم يقاوم التيار ورضينا بالركود فلا قراءة ولا مراجعة .. فآه من موت الهمة الفاعلة ..
صورته هذه تذكرني بعلماء كبار ـ ولا أقصد أن الأخ منهم ـ كانوا يعملون بأي عمل شريف يقتاتون منه ويتعيشون به .. ومع ذلك لم ينقطعوا عن العلم .. .
فهذا الألباني ـ رحمه الله ـ إمام الدنيا في الحديث كان ساعاتي، وهذا مقبل الوادعي ـ رحمه الله ـ عامل بناء .. وهلم جر، ومن نظر في السلف وجد منهم الحائك والخياط والصباغ والتاجر وسائر الصناعات .. .
اللهم أصلح أحوالنا وأقوالنا وأفعالنا وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .. آمين.
ـ[سامح رضا]ــــــــ[20 - 01 - 08, 03:34 م]ـ
بارك الله فيك أخى .... أسأل الله أن يجعلنا جميعاً من طلبة العلم ويرزقنا من الحلال ويذهب الكبر عن نفوسنا.
ـ[أبو عبيد محمد نجيب]ــــــــ[20 - 01 - 08, 03:43 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم،،،