تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيها الإخوة الأكارم: لقد ذقتها البارحة وما أطيب طعمها ,وكدتُّ أتمزق ألماً على الماضي!

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[20 - 01 - 08, 04:53 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين , وبعد:

من أين أبدأ وصفها وأنا الذي ... يعيا بياني , والبلاغة تُحْجِمُ

وبأي يد أكتب.؟

ومن لي بلسانٍ أصفُ به ما وجدته البارحة من حلاوة أرى أنها ستلازمني حتى ساعة المحشر.!

نعم أيها الإخوة:

أنا لستُ أديباً , وإن قلدتُّ الأدباء , لكني أردت أن أشابههم , فيما سأكتب , لأمنَّي نفسي أني كتبتُ.

وأقول:

لقد ظهرت لي ملامحها عبر ملتقى أهل الحديث.!

ولاحت لي عن بعدٍ فانشرح لها الصدر , مع أني لم أذقها بعدُ.!

كان الموعد المتوقَّع بعد أسبوعين أو تزيد , لكنَّ برودة الشتاء وحرارة الشوق عجّلت به إلى البارحة , فكان ما كان .. !!!!!

هاتفني ذلك الحبيبُ الذي عرفت في مراسلاتي له معنى قول الشاعر:

يا قوم أُذْنِي لبعض الحيِّ عاشِقَةٌ ... والأذن تَعشَقُ قبل العين أحيانَا

فما كانَ إلا أن حان لقائي به _حياه ربي وأحياه_ حتى رأيتُ العجبَ العُجابْ, أدبٌ في المقال, وخفة روح وهدأة بالْ.!

وكنت قبل رؤيته أقول: لعلي أجالس هذا الضيف نصف ساعة أو تزيد قليلاً, فجلسنا وانتزع الكلفة فيما بيننا فأكرم نفسه في بيتي بيده , وأنا أمامه , ودار الحديثُ وأنا أقول في نفسي: اللهمَّ بعلمك الغيب وقدرتك علينا ورحمتك بالضعفاء المنقطعين اجعل مجلسنا هذا موجباً للاستظلال بظل العرش, فو الذي أنفسنا بيده ما جمعنا إلا الله.

ومرَّت ثلاث ساعات في ليلة شاتية باردة لم أجد لها إلا أثر الثلاث دقائق , مما أنا فيه من نعيم لا يوصف أبداً أبداً.

ووقفت معه عند عتبة الدار أودعه , وحالي كما قال نصر بن الحجاج: إني قد أحببتك حباً لو كان فَوْقَك لأظَلَّك ولو كان تحتك لأقَلَّك.!

وعجبت لسرعة مرور الوقت وشدة برودة الجو وعدم شعوري بكليهما.!

فعلمتُ أنه لم يمنعني من الإحساس بالوقت والبرد إلا عذوبة طعم الأخوة والمحبة والمجالسة في الله , ويا له من طعم ,كيف لا وقد أبكى الحرص على تذوقه أعين الصحابة والتابعين والأئمة ودواوين العلم والدين.؟

فالحمد لله الذي شاء أن أخالط - بعد يأسٍ وقنوطٍ لا ينبغي ولا يليق - من يبعث الأمل في نفسي أن أمتنا وإخوتنا ومن أحببناهم في الله لا يزالون بخير و وإن تترس بهم الأفاكون المخادعون.!

نعم:

أقول ذلك: لا طعناً فيمن أحب وأعرف من الإخوة في الله , لكنهم إما أقارب أو أصحاب طفولة أو ذووا سابقة من جيرة أو نسبٍ أو غير ذلك مما طرأت عليها محبتنا في الله , أمَّا أن أجتمع بشخص لا يحملني وإياه على الحرص على التلاقي إلا أن أحب كلٌ منا الآخر لله ولمّا ير رسْمَه , أو يعرف اسْمَه, و فهذا ما أفتقد طعمه مع أني أسمع به.

أقول ذلك بعد أن رأيتُ ولا زلتُ أرى من يعظ ويَبكي ويُبكي , ثم هو كذاب يتحرَّى الكذب , ويخادع باسم الدين.!

أقول ذلك بعد أن رأيت من يظلمُ ويغتاب ويفجُر ويشيع في إخوته ما لا يتيقن منه طلباً للعلو في أعين الناس وفراراً من أن يتخطاه قطارُ الشهرة و إذاعة الصوت: (فرّ من الموت وفي الموت وقعْ).

أقول ذلك: بعد أن رأيتُ من يبيع دينه بأقل من ثمن نعله الذي على رجليه , فيتقول على الله , ويلفق المسائل , ويترخص بالشواذ ليبيع آخرته بدنيا غيره.

حتى اتخذت من قول القائل:

إياك تغتر أو تخدعك بارقة ... من ذي خداع يرى بشرا وألطافا

فلو قلبت جميع الأرض قاطبة ... وسرت في ألأرض أوساطا وأطرافا

لم تلق فيها صديقا صادقا أبدا ... ولا أخا يبذل الإنصاف إن صافى

حجةً على زمني , فأغلقت علي بابي , ولزمت داري , وعشت بين الناس أصمَّ أبكمَ أعمى و فسلمتُ وسلمتُ فيما أحسب وأرجو من الله.

وصار حالي يقول بقول الشاعر:

سمعنا بالصديق ولا نراه ... على التحقيق يوجد في الأنام

وأحسبه محالا نمقوه ... على وجه المجاز من الكلام

حتى خرج من عندي هذا الحبيب الزائر:

(مع أنه كلفني عشاء شخص كاااامل) (ابتسامة)

فما تأسفت على شيئ أسفي على فراقه لي , مع أن ذلك كان أول لقاء , وأسأل الله أن لا يجعله الأخير , فلذلك بشرتكم بأني ذقت طعمها فما أرو عه من طعم.!

إنه طعم الأخوة والمحبة في الله , لا حرمني الله وإياكم منه, الذي قال في شأنه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [إذا كان يوم القيامة انقطعت الأرحام وقلت الأنساب وضلت الأسباب وذهبت الأخوة إلا الأخوة في الله وذلك قوله: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}]

.

ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[21 - 01 - 08, 03:45 ص]ـ

ما أروع هذه الكلمات .. وما أحلى الحبَّ في الله .. أثرتَ شجوننا طرباً بتذكّرِ صدق المحبَّة، وفضلها العظيم ..

هنيئاً لك يا أبا زيدٍ هذا الصديق .. وأوصيكَ وصيَّةَ المُحبِّ أن تلزمَ كلَّ أخٍ يُذكِّرُكَ بالله .. فهو اللهِ نعمَ المعين ..

حتى خرج من عندي هذا الحبيب الزائر:

(مع أنه كلفني عشاء شخص كاااامل) (ابتسامة)

هلاَّ أرسلتَ لنا ما فَضُل؟:)

فقد صحَّ عن النبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - كما في مسلم - أنه قال لأبي ذرٍّ: (يا أبا ذر! إذا طبختَ مرقةً فأكثرْ ماءها، وتعاهد جيرانك)!

ولا شكَّ أننا جيرانٌ لك في الملتقى:)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير