تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والعكس فالغفلة عن إحياء القلوب بهذا الشعور هو الذي ضر كثيرا من الأخيار فضلا عن غيرهم، إياك أن يزول عن قلبك ولو طرفة عين الشعور بطمعك في رحمة الله –عز وجل-، دائما تحمل همّ كيف تكون عند الله بأفضل المنازل، {وعجلت إليك ربي لترضى} أن تعجل إلى الله، والعجلة السرعة وأن تبادر وتسير حثيثًا إلى ملك الملوك وجبار السماوات والأرض إلى من يرحمك ولا يعذبك إلى من يحسن إليك ويكرمك ويرفعك ويفتح لك من أبواب رحمته ما لم يخطر لك على بال، إلى هذا الرب الحليم الرحيم الكريم، الذي علمك ما لم تكن تعلم وكان ولم يزل فضله عليك عظيما، إلى هذا الرب الذي هداك من الضلالة، وأنقذك من الغواية وأرشدك إلى سبيل الحق والهداية، إلى هذا الرب الذي أحسن وأفضل {الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين} من يفعل هذا غير الله – جل جلاله - تبارك رب العالمين، تحس بقرارة قلبك أنك تعجل إلى الله، أنك تريد أن تكون عند الله بخير المنازل، ولذلك ما إن تطأ قدمه المسجد إلا أحب أن يكون في الصفوف الأول، وما إن يخرج إلى فريضة إلى طاعة إلا وجدته معلقا يكون أخشع الناس في صلاته، وأخشعهم في ركوعه وفي سجوده، فإذا كان عنده هذا الشعور سأل عن الأعمال التي تقرب إلى الله –عز وجل- وبحث عنها وتشوق وأصبح يبحث عن تجارة مع الله رابحة لا يرضى بالقليل، أبدا بل يسمو إلى الكثير، إن علم أن التسبيح فيه حسنات، وأن لا إله إلا الله أفضل ما ذكر به الله؛ اختار لا إله إلا الله، فنطق بها لسانه، واعتقد بها جنانه، ولهج بها في ليله ونهاره وصبحه ومسائه، فإذا علم أن قراءة القرآن أفضل من ذكر باللسان؛ قدم قراءة القرآن، فتجده يطمع من مغفرة إلى مغفرة، ومن رحمة إلى رحمة، ومن خير إلى خير ومن بر إلى بر، فينصرف قلبه بالكلية إلى الله – جل جلاله -، ويشتغل بطاعته عن معصيته، وبمحبته عما يغضبه.

هذا القلب الصالح التقي النفي الصافي الذي أخلص لله –عز وجل- صدقا وحقا لاشك أنه بخير المنازل عند الله.

أول ما تبدأ بقلب يبحث عن محبة الله ومرضاته، ولذلك تجد هذا العبد الصالح يشتري مرضاة الله بكلمة ترضي الله – جل جلاله -، فتجده في كل موقف إذا جاء يتكلم بلسانه أحس أنه نعمة من الله –عز وجل- فبحث عن أفضل ما يتكلم به لكي يرضي ربه، فتجده أعف ما يكون عن الحرام، وأكثر ما يكون ذكرا لله –جل جلاله-، ولا يمكن أن يغفل مع الغافلين، لأن القلب مادام فيه التلهف وفيه التشوق لرحمة الله لا يمكن أن يغفل، وهذا من ذكر الله {فاذكروني أذكركم} فمن كان قلبه معمورا بالله جميع هذه الساعات واللحظات من عمرك؛ إما أن تضيع عليك، وإما أن تربحها، جميع هذه الثواني والدقائق أنت أحوج ما تكون، وأفقر ما تكون إلى أن تقدمها بينك وبين الله –جل جلاله-، وتتذكر حينما تتذكر من حُرم هذا الخير الذي أنت فيه، فيتجه قلبك بالكلية إلى الله –سبجانه وتعالى- في طاعته ومحبته ومرضاته؛ لأنك تعلم أنه إن ذهبت عنك هذه الساعة فلن تعود إليك أبدا، وأنك إذا دخلت هذا المسجد لذكر الله؛ فإن هذه السويعات والدقائق محسوبة، تتمنى أن لا تغبن فيها، ولذلك تكره أن تصرف هذه الدقائق والساعات وأنت صامت لا تتكلم، فضلا عن أن تلقيها في الحرام أو غيبة أو نميمة، ولذلك تجد الإنسان يخرج من بيته لأي أمر يريده من مصالحه ولو كان في أمر دنيوي فإذا أصبح قلبه مع الله –عز وجل- تجده وهو راكب في سيارته يقرأ القرآن ويتلو القرآن، ثم إذا نزل تلا القرآن لأنه خاف أن تضيع هذه الدقائق يخاف أن تضيع هذه الثواني فإذا كان عندك هذا القلب الحي وزالت عنك الغفلة، وأذهب الله عنك الران؛ فإنك تسير إلى الله حثيثا، وعندها تطلب ربا نعم ما يطلب منه من الرحمة والعفو والمغفرة –جل جلاله-، وتطلب المطلب الذي يفوز طالبه، وتسير في الطريق الذي لا يخيب سائره، عندها تحس أنك من الرابحين لا من الخاسرين، وأنك من المفلحين والناجحين؛ كل ذلك بفضل الله ثم بهذا التوجه إلى الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير