وأما عن حسن خلقه، وطيب قلبه، وصفاء نفسه فحدث ولا حرج، فهو لا يحمل لأي أحد من إخوانه بغضًا في صدره، ولو أساء إليه أي شخص فسرعان ما يصفح عنه، و كنت دائمًا أرى نور الطاعة والعبادة على وجهه.
هذا كله مع الالتزام التام في متابعة السلف الصالح في صحة الاعتقاد، وسلامة المنهج، وحب أهل الحديث، وحب معاشرتهم، والالتزام بهم.
أما عن حاله في علم الحديث، ففي نظري أنه لا يصدق إطلاق القول على أحد في زماننا هذا أنه حافظ إلا على الشيخ محمد عمرو، فما من مرة ويسأل عن حديث إلا ويجيب عليه ببداهة وسرعة استحضار عجيبتين، ويعرف مخرجه، وصحته من ضعفه، ويبين سبب علته، وإذا سأل عن راو ما فذهنه حاضر عن حاله ويبين مروياته، ويقول فلان صاحب حديث كذا وكذا، وهذا لم أجده من أحدٍ أبدًا ممن عرفته من أهل الحديث المعاصرين لنا. وهذا أمر لا يعلمه إلا من عاشر شيخنا، وعرف حاله.
ويعلم الله أني لم أبالغ في كلمتي هذه عن الشيخ محمد عمرو، بل لا أبالغ إن قلت: أني بكلامي هذا لم أعطه حقه في مدحه والثناء عليه.
وأرجو من إخواني الكرام ألا يبخلوا بالدعاء لشيخنا أن يشفيه ويعافيه من مرض السكر الذي ابتلي به، حيث أنه اشتد عليه بدرجة كبيرة في الآونة الأخيرة.
وأرجو من الله تعالى أن يحشرنا وشيخنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
الشيخ بقلمه
اسمه ونسبه وكنيته:
أبو عبد الرحمن محمد عمرو بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد القادر بن رضوان بن سليمان بن مفتاح بن شاهين الشنقيطيّ. ()
هذا الذي ذكره الشيخ في ختم كتابه " أحاديث ومرويات ".
رأي الشيخ في نفسه فيما ذكره في أخريات ما كتب:
وبعد كل ما ذكر من مدح وثناء في جنب شيخنا، لنراه في تواضعه، وماذا يقول عن نفسه:
" والذي استبان لي بيقين أن استعجالي في تصنيف الرسائل والكتب، والتعليق عليها، بل ومراجعة بعضها، هو الذي جرَّ عليَّ أموراً لم تكن في الحسبان، وتَعَرُّفاً من الكثيرين عَلَيَّ، بصورة لم تخطر على القلب، بحيث ارتسم في أذهان الكثيرين تصور غير صادق لحقيقة أمري ومبلغ علمي، وزادهم اغتراراً بي: إجازةٌ من الشيخ محمد نجيب المطيعي ـ رحمه الله ـ لم أستشرف لها ولم أسع إليها، ولم أُره من نفسي ما يؤهلني لها. إنما هو مجرد توسم للخير فِيَّ من شيخ فاضل لم ألازمه ولم أُطِل صحبته ولا الانتفاع به.
وقد صرت أسمع ألقاباً وأوصافاً لا تنبغي للمتقين، ولا تليق إلا بالعلماء ـ حقاً وصدقاً ـ من الحفاظ العاملين!
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى تعليق آمالٍ على المسكين وأنه أهل أن يدرس فقهاً، أو يلقي محاضرة في قضية عامة، أو يُطْلَب منه موعد لحل مشكلة زوجية ينبني عليها تقرير مصير!! وجماعة من المتقين من علماء الأمة ـ حقاً وصدقاً ـ كانوا يتحاشون كثيراً من هذه الأمور فلا ينطقون فيها بحرف، مع الأهلية والكفاءة!
إن إنساناً ابتُلِي بمعرفة الناس إيَّاه وتمييزه في المعاملة ومبالغتهم في أمره أحياناً إلى درجة الكذب عليه (!) ينبغي أن يُرحم وأن يُعان على تخليص رقبته، وعلى هوى نفسه وشيطانه ودنياه، فإن النفوس ـ في هذا الزمان ـ ضعيفة تسارع إليها الفتنة إن لم يتداركها ربها ـ تعالى ـ برحمته فأرجو من هؤلاء وأولئك أن يصححوا تصورهم، وألاَّ يحملوا ما ذكرتُ على تواضع أو غيره، فإن لكل مقام مقالاً كما قال أبو الطفيل عليه رضوان الله، وذلك قبل أن يؤاخذني ربي ـ جل وعلا ـ على ما يقولون ويفعلون ويعتقدون ويغالون.
إذ إن المقصد الأسمى عند كل من عرف هذا الرب الجليل ـ تعالى ـ ورضيه رباً وإلهاً، ورضي محمداً ? نبياً ورسولاً، وشريعة الإسلام ديناً ومنهجاً هو رضوانه ـ تعالى ـ في الدنيا والآخرة، ومغفرته للذنوب الأوزار، وستره عليه في الدنيا والآخرة، ودخول جنته، والتزحزح عن ناره وعذابه، وكل ما سوى ذلك فهو تابع له، دائر في فلكه.
فعلى كل امرئٍ أن يُقبل على شأنه ويعرض عما لا ينفعه في الدنيا ولا في الآخرة. اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد ".اهـ
وليس لي من تعليق إلا أن أقول " لله درك، فقد أديت ما عليك من حق".
جهوده العلمية:
هذه هي الكتب التي وقفت عليها من مؤلفات الشيخ فضلًا عما ذكره إخواني مما لم أقف عليه أولم يطبع بعد:
أ. تحقيقاته:
¥