20 - ويلتزم أصغرُكما لأخيه تقديمه عليه، وتعظيمه في كل أمر بالرجوع إلى مذهبه، والإتباع له في سره وجهره، وتصويب قوله وفعله، وإن أنكر منه في الملأ أمراً يريده، أو ظهر إليه خطأ فيما يقصده - فلا يظهر إنكاره عليه، ولا يجهر في الملأ بتخطئته، وليبين له ذلك على انفراد منهما، ورفق من قولهما؛ فإن رجع إلى الحق وإلا فليتبعه على رأيه؛ فإن الذي يدخل عليكما من الفساد باختلافكما أعظم مما يحذر من الخطأ مع اتفاقكما ما لم يكن الخطأ في أمر الدين؛ فإن كان في أمر الدين فليتبع الحق حيث كان. ص41
21 - وليثابر على نصح أخيه وتسديده ما استطاع، ولا يُحِل يده عن تعظيمه وتوقيره. ص41 - 42
22 - ولا يؤثر أحدكما على أخيه شيئاً من عرض الدنيا، فيخل بأخيه من أجله، أو يعرض عنه بسببه، أو ينافسه فيه. ص42
23 - ومن وُسِّع عليه منكما في دنياه فليشارك بها أخاه، ولا ينفرد بها دونه، وليحرص على تثمير مال أخيه كما يحرص على تثمير ماله. ص42
24 - وأظهرا التعاضد، والتواصل، والتعاطف، والتناصر حتى تعرفا به؛ فإن ذلك مما ترضيان به ربكما، وتغيظان به عدوكما. ص42
25 - وإياكما والتنافس، والتقاطع، والتدابر، والتحاسد، وطاعة النساء في ذلك؛ فإنه مما يفسد دينكما ودنياكما، ويضع من قدركما ويحط من مكانكما، ويحقر أمركما عند عدوكما، ويصغر شأنكما عند صديقكما. ص42
26 - ومن أسدى إلى أخيه معروفاً، أو مُكَارَمةً، أو مواصلة فلا ينتظر مقارضةً عليها، ولا يذكر ما أتى منها؛ فإن ذلك مما يوجب الضغائن، ويسبب التباغض، ويقبح المعروف، ويحقر الكبير، ويدل على المقت والفساد، ودناءة الهمة. ص42
27 - وإن أحدكما زل وترك الأخذ بوصيتي في بر أخيه ومراعاته فليتلافَ الآخر ذلك بتمسكه بوصيتي، والصبر لأخيه والرفق به، وترك المقارضة له على جفوته، والمتابعة له على سوء معاملته؛ فإنه يحمد عاقبة صبره، ويفوز بالفضل في أمره، ويكون لما يأتيه أخوه كبير تأثير في حياته. ص42 - 43
28 - واعلما أني قد رأيت جماعة لم تكن لهم أحوال ولا أقدار، أقام أحوالَهم ورفع أقدارَهم اتفاقُهم وتعاضُدُهم، وقد رأيت جماعة كانت أقدارهم سامية، وأحوالهم ظاهرة نامية، محق أحوالَهم ووضع أقدارَهم اختلافُهم وتنابُذهم؛ فاحذرا أن تكونا منهم. ص43
29 - وإياكما أن تحدثا أنفسكما أن تنتظرا مقارضةً ممن أحسنتما إليه، وأنعمتما عليه؛ فإن انتظار المقارضة يمسح الصنيعة، ويعيد الأفعال الرفيعة وضيعة، ويقلب الشكر ذماً، والحمد مقتاً، ولا يجب أن تعتقدا معاداة أحد، واعتمدا التحرز من كل أحد، فمن قصدكما بمطالبة، أو تكرر عليكما بأذية فلا تقارضاه جهدكما، والتزما الصبر له ما استطعتما؛ فما التزم أحد الصبر والحلم إلا عز ونصر [ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ] الحج60.
وقد استعملت هذا - بفضل الله - تعالى - مراراً فحمدت العاقبة، واغتبطت بالكف عن المقارضة.
ولا تستعظما من حوادث الأيام شيئاً؛ فكل أمر ينقرض حقير، وكل أمد ينقضي قصير، وانتظرا الفرج؛ فإن انتظار الفرج عبادة، وعلقا رجاءكما بربكما وتوكلا عليه؛ فإن التوكل عليه سعادة، واستعينا بالدعاء، والجئا إليه في البأساء والضراء؛ فإن الدعاء سفينة لا تعطب، وحزب لا يغلب، وجند لا يهرب. ص45
30 - وإذا أنعم ربكما عليكما بنعمة فتلقياها بالإكرام لها، والشكر عليها، والمساهمة فيها، واجعلاها عوناً على طاعته، وسبباً إلى عبادته، والحذر الحذر من أن تهينا نعمة ربكما فتترككما مذمومين، وتزول عنكما ممقوتين. ص46
31 - ومن احتاج منكما فليجمل في الطلب؛ فإنه لا يفوته ما قُدِّر له، ولا يدرك ما لم يقدر له. ص48
32 - واجتنبا صحبة السلطان ما استطعتما، وتحريا البعد منه ما أمكنكما؛ فإن الذل مع البعد عنه أفضل من العز مع القرب منه. ص48
33 - ولا يرغب أحدكما في أن يكون أرفع الناس درجة، وأتمهم جاهاً وأعلاهم منزلة؛ فإن تلك حالٌ لا يسلم صاحبها، ودرجةٌ لا يثبت من احتلها، وأسلم الطبقات الطبقة المتوسطة؛ لا تُهْتَضَمُ من ضعة، ولا تُرمق من رفعة، ومن عيب الدرجة العليا أن صاحبها لا يرجو المزيد، ولكنه يخاف النقص، والدرجة الوسطى يرجو الازدياد، وبينها وبين المخاوف حجاب؛ فاجعلا بين أيديكما درجة يشتغل بها الحسود عنكما، ويرجوها الصديق لكما. ص49
34 - ولا يطلب أحدكما الولاية؛ فإن طلبها شين، وتركها لمن دعي إليها زين، فمن امتحن بها منكما فلتكن حاله في نفسه أرفع من أن تحدث فيه بأواً، أو يبدي فيها زهواً، وليعلم أن الولاية لا تزيده رفعة، ولكنها فتنة ومحنة، وأنه معرض لأحد أمرين: إما أن يعزل فيعود إلى حالته، أو يسيء استدامة ولايته فيقبح ذكره، ويثقل وزره.
وإن استوت عنده ولايته وعزله كان جديراً أن يستديم العمل؛ فيبلغ الأمل، أو يعزل لإحسانه، فلا يحط ذلك من مكانه. ص49
35 - وأَقِلا ممازحة الإخوان، وملابستهم، والمبالغة في الاسترسال معهم.
فإن الأعداء أكثرهم ممن هذه صفته، وقل من يعاديك ممن لا يعرفك ولا تعرفه. ص49 - 50.