[يا أهل مصر ويا أهل غزة: "دعوها فإنها منتنة"]
ـ[د. مصطفى]ــــــــ[29 - 01 - 08, 06:36 م]ـ
[يا أهل مصر ويا أهل غزة: "دعوها فإنها منتنة"]
كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
في سبيل متابعة التطورات على صعيد أزمة إخواننا في غزة -نسأل الله أن يرفع عنهم الحصار الغاشم-، يحتاج المرء إلى أن يتصفح بعض مواقع الإنترنت العامة والإخبارية فضلاً عن الإسلامية، وبينما يظن الكُتّاب والقراء والمعلقون في المواقع الإسلامية أن الشعور بروح الجسد الواحد أمر مفروغ منه، وأنه مُطبَق على أرض الواقع على أحسن ما يكون، إذ بك تُفاجأ بأن الشباب المثقف الذي يرتاد المواقع العامة والإخبارية لاسيما تلك التي تسمح بكتابة تعليقات للقراء، يعيش في أزمة طاحنة، وما زالت النعرات الجاهلية تسيطر على عقول كثير من الشباب.
وهؤلاء الشباب قيمة لا يُستهان بها، لاسيما وأنهم ممن يملكون الرغبة في التفكير حتى وإن جنح بعضهم إلى هذه الأفكار المنحرفة، فالعيب فينا معاشرَ الإسلاميين؛ فنحن تركناهم فريسة للكتّاب العلمانيين أو القوميين على أحسن الأحوال.
بداية نريد أن نؤكد على أن التحزّب تحت راية اللون أو الجنس أو القومية أو غيرها فيها مخالفة صريحة لدين الله -عز وجل- الذي لم يعتبر أي أمر فارقاً بين الناس إلا الدين كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى) (رواه البيهقي وصححه الألباني).
والشيطان كعادته يحاول أن يصد الناس عن الالتزام بدين الله -عز وجل-، وأن يوقعهم في مخالفة شرع الله لاسيما في هذه النقطة التي تمثل بالنسبة له غرضاً رئيسياً، والتي يسلك من أجلها مسالك عديدة، ومن ذلك ما ذكره الله -تعالى- في قوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) (المائدة: 91).
ومنها مسلك التحريش بين المسلمين الذين نحن بصدده، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم) رواه مسلم، أي لم يبق له أمل إلا في إيقاع العداوة بين المسلمين.
ولقد نجح الشيطان في بعض مراده حتى مع أفضل الأجيال، مع الصحابة -رضي الله عنهم جميعاً- فحرَّش بين رجلين من المسلمين، وإلى هذا الحد كان يمكن أن تكون كأي خصومة تحدث بين اثنين، ولكن الشيطان ذكرهما بأن أحدهما مهاجري والآخر أنصاريُ، فتنادى المهاجريُ يا للمهاجرين!، وتنادى الأنصاري يا للأنصار!، فخرج إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- مسرعاً قائلاً: (ما بال دعوى الجاهلية، دعوها فإنها منتنة) رواه البخاري.
ومن أجل ذلك كان من آخر ما وصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته الجامعة في حجة الوادع وضع الجاهلية وحمية الجاهلية تحت قدميه الشريفتين -صلى الله عليه وسلم-.
وإذا تقرر هذا من الناحية الشرعية، فاعلم أيضاً أنه في غاية الموافقة للعقل أن يكون تصنيف الناس على أمر عظيم خطير، وهو في ذات الوقت مما لهم فيه اختيار، بخلاف اللون أو الجنس أو غيرهما فكلها مما لا يقتضي مدحاً ولا ذماً في ذاته، ثم هو فوق ذلك ليس من اختيار الإنسان.
وقد شقيت البشرية بدعوتين متناقضتين، إحداهما القومية البغيضة، والثانية هي الدعوة إلى العالمية والإنسانية، وعدم عمل أي اعتبار للدين في تقييم الأمم والجماعات إلى الدرجة التي جعلت الكثير من الناس يعترف صراحة أو ضمناً بصحة الأديان الأخرى، رغم أنها ما بين دين وضعي أرضي، وبين دين محرف مبدل، ثم إنه أيضاً منسوخ كان ينبغي على أتباعه لو كانوا صادقين في اتباعه غير محرفين ولا مبدلين أن يؤمنوا بمحمد –صلى الله عليه وسلم-، ولكنهم لم يؤمنوا به، والكفر بأي رسول كفر بهم جميعاً فما بالك بالكفر بخاتمهم محمد -صلى الله عليه وسلم-?
¥