تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما أن هناك ما قالوا أنه يورث النسيان: كأكل الباذنجان.

وكتب الطب قد ذكرت الكثير من هذا.

تاسعاً: تنظيم الوقت، وحياته المعيشية، وذلك لأن تذبذب الحال، وسوء الأحوال، يورث العقل الشتات، فيتردى الحفظ، وتضطرب الذاكرة، فيسهل بذلك النسيان، فيفرد من وقته ساعات للنظر والقراءة، وساعات للبحث والجمع، وساعات لأهله، وساعات لعبادته، وساعات، لقراءة القران وحفظه، وساعات لحفظ الحديث، وساعات لحفظ المتون، وساعات لمراجعة المحفوظات، وهكذا، ويلتزم بهذا التوقيت (فأحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قلّ).

عاشراً: معرفة سير الحفاظ كي تتقد الهمة بهم، فإن الناظر إلى سير السالفين في الطلب، والرحلة، والحفظ، والتأليف، وقوة الذاكرة، وكثرة الكتابة، والحرص على العلم، والسهر والجوع والفقر والمرض في سبيل تعلمه، سوف تتقد همته بلهيب حماسهم المشرّف، فلربما حظي منهم بجذوة همةٍ يصير بها على من في عصره إماماً، فمن علم أن الإمام أحمد يحفظ ألفي ألف حديث [أي مليونين] ألا يرى بأن ألف حديث ليست بشي أمام ذلك، فليحفظ [بلوغ المرام] إذن!، إذا علمت أن هناك من قرأ صحيح البخاري في ثلاثة أيام، لعل همتك تتقد فتقرأ [منتقى الأخبار] في خمسة أيام!، وما فعله غيرك فهو [ممكن] لك!، ومن سار على الدرب وصل، ومن قرأ في سيرهم سوف يرى العجب العجاب، وأخص بالذكر كتاب [تذكرة الحفاظ] للحافظ الذهبي، لا بدّ لطالب العلم المبتدئ أن يقرأه ويتأمل فيه، فقد ذكر من سير أئمة [الحفظ] الشي العجيب الذي تنثني من دونه الأعناق، وأنقل لك مما ذكر عبارات لعلها توضح بعض ما في هذا الكتاب:

فقد ذكر عن ابن عقدة أحمد بن محمد الكوفي أنه قال عن نفسه: أحفظ مائة ألف حديث بأسانيدها.

كما ذكر عن أبي الحسن القطان علي بن إبراهيم أنه كان يحفظ مائة ألف حديث.

وذكر أن الختلي عبدالرحمن بن أحمد كان يملي خمسين ألف حديث من حفظه.

وذكر عن أبي عمر الزاهد الشهير بغلام ثعلب أنه أملى ثلاثين ألف حديث من حفظه.

وذكر عن العسال محمد بن أحمد أنه أملى أربعين ألف حديث من حفظه.

وذكر عن خالد بن سعد القرطبي أنه حفظ عشرين حديثاً من مرة واحدة.

وذكر عن ابن الجعابي أن غلامه لما أخبره بأن كتبه قد ضاعت قال له: لا تغتم فإن فيها مائتي ألف حديث لا يشكل عليّ حديث منها لا إسناده ولا متنه.

وذكر عن الشعبي أنه ما كتب قط، ونسي من العلم ما لو حفظه غيره لصار عالما، ولا حدث أحد عنده بحديث إلا حفظه ولم يطلب إعادته، وقال: (لو شئت لأنشدتكم شهرا ولا أعيد).

وذكر عن الزهري أنه كان يكتب كل ما سمع، وما دخل قلبه علم فنسيه.

وكذلك ذكر عن قتادة.

وكذلك الثوري سفيان بن سعيد.

وذكر عن يحي بن يمان الكوفي أنه كان يحفظ في المجلس الواحد خمس مائة حديث.

وذكر عن يزيد بن هارون أنه قال: حفظت حديث الفتون في جلسة وأحفظ عشرين ألفا فمن شاء فليدخل فيها حرفا، – و حديث الفتون طويل في قصة موسى عليه السلام – وذكر أنه قال: أحفظ أربعة وعشرين ألف حديث بالإسناد ولا فخر.

وذكر أن حفص بن غياث أملى ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف حديث من حفظه.

وذكر أنه يروى أن هشام الكلبي حفظ القران في ثلاثة أيام.

وذكر عن الإمام أحمد أنه يحفظ ألف ألف حديث، أي مليون وقيل يحفظ ألفي ألف: أي مليونين!

وذكر أن سعيد بن منصور أملى عشرة آلاف حديث من حفظه.

وذكر عن محمد بن المظفر البغدادي أنه كان يحفظ عن شيخه الباغندي فقط مائة ألف حديث.

وذكر عن اليونارتي الحسن بن محمد الأصبهاني أنه كان يقرأ من سورة، ويكتب سورة أخرى في آن واحد.

وذكر عن أبي الخير عبدالرحيم بن محمد الأصبهاني أنه كان يحفظ الصحيحين.

وذكر أن ابن الجوزي كتب بأصبعه ألف مجلد.

وذكر عن أبي عمرو بن الصلاح أنه حفظ المهذب في الفقه ولم يظهر شاربه.

وذكر في ترجمة اليونيني تقي الدين محمد بن أبي الحسين البلعلبكي أنه كان يحفظ الجمع بين الصحيحين للحميدي، وحفظ صحيح مسلم في أربعة أشهر، وكان يكرر أكثر مسند أحمد من حفظه، وكان يحفظ في الجلسة الواحدة ما يزيد عن سبعين حديثاً، وحفظ سورة الأنعام في يوم واحد، وحفظ ثلاث مقامات من الحريرية في بعض يوم.

وذكر عن النووي رحمه الله أنه حفظ كتاب (التنبيه) في أربعة أشهر ونصف، وفي بقية السنة قرأ المهذب من حفظه على شيخه الكمال اسحاق بن أحمد.

وغير هذا كثير.

المقصود أن طالب العلم ينبغي عليه أن يحرص أشد الحرص، ويعطي العلم كل وقته، وأعمال البرّ من بر الوالدين وصلة الأرحام وأداء العبادات تبارك في الوقت ولا تشغل عن طلب العلم، كما أنصح بن يقرأ ما صنّف في أصول الطلب، ككتاب (الفقيه والمتفقه) و (الرحلة في طلب الحديث) للخطيب البغدادي، و (الجامع في آداب الراوي والسماع) له أيضاً، وكتاب (جامع بيان العلم وفضله) لابن عبدالبر، وكتاب (تذكرة السامع والمتكلم) لابن جماعة، وما كتبه المعاصرون وهي كثير ككتاب (حلية طالب العلم) للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد، وكتاب (صفحات من صبر العلماء) و (قيمة الزمن) وكلاهما لعبدالفتاح أبو غدة على تحذر مما فيها من أخطاء، والموضوع ثري بالفوائد والفرائد انتقيت منها ما يكفي للتوضيح، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

وكتب أخوكم

بدر بن علي العتيبي

19 جمادى الآخرة 1424هـ

منقول من الملتقى العلمي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير