تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هو .. غلطان!]

ـ[أبو عبدالله بن محمد]ــــــــ[04 - 02 - 08, 12:29 م]ـ

[هو .. غلطان!]

لكل إنسان منا طبع ومزاج يسير عليه .. فأكثر البشر يميلون إلى روح الدعابة والمزاح ولين الجانب مع الطرف الآخر، وهذا أمر مطلوب إلى قدر.

وتجد خلافهم في الطرف الآخر نكدي المزاج، عابس الوجه، مكفهر الملامح، مقطب الحاجبين، صاحب عبارات فجة، صارم الحديث شديد النبرة كأنما نزع من قلبه اللين فلا يعرف له طريقًا إلا أن يشاء الله. وهؤلاء موجودون لكنهم بحمدالله ليسوا بكثرة مخيفة .. .

وتجد أيضًا صنفًا من الناس من يميل إلى الهدوء والصمت والتفكير بعمق، وفيه ذكاء ودهاء ..

حقًا إن طباع البشر متابينة، لكن كلما كان صاحبها ذا سلوك سوي ومعتدل في كل ما يظهر منه كان قريبًا من الكمال ..

وقد عُرف عني ـ أنا كاتب هذه الأحرف ـ أنني صاحب دعابة وطرافة في حديثي ومزاحي، لكني في نظر البعض متشدد في أرائي وأطروحاتي، بل وربما قاسي العبارات وانتقي الآراء الشديدة؛ هكذا قال لي صديقي مدرس اللغة العربية وزاد: الجمع بين النقيضين!.

فقلت: سبحان الله! الأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا. وأنا أتابع الدليل ـ فيما أزعم وأعني ما أقول ـ وأسير معه حيثما سار؛ هذا أولاً. وثانيًا: أنا بفضل الله لي شخصيتي التي تجعلني في كثير من الأوقات لي رأي مستقل خاصة فيما أحسنه فحسب، وأرفض أن أكون تابعًا إلا فيما ليس فيه دراية فحينئذ أتابع غيري إلا إذا تبين لي أن خطأ فاتركه.

ثالثًا: الليونة في الكلام والمعاملة من حسن الخلق، فلا تعارض في نظري بين الأمرين، والله أعلم.

الشاهد: كنت دائمًا إذا أحبت أن أغير موضوعًا مع أي شخص أتحدث معه أقول له: هو غلطان! فيقول لي: من الغلطان؟ فأقول له: هو. وأضحك!. ثم أقول له: دعك من هذا الأمر، وأدخل في موضوع آخر!. وأحيانًا استخدم هذه العبارة: «هو غلطان» حينما أقع في خطأ أمام البعض فأقول لهم معتذرًا: «هو غلطان»! فيقولون: من؟ فأقول لهم: «هو» وأشير إلى نفسي، فيضحكون متعجبين من أسلوبي. وأحيانا ربما أتيت لهم ببعض العبارات العامة المضحكة التي لا يعرفها إلا خواصي من الأصحاب إذا أردت المداعبة أو التخلص من موضوع ما فأقول مثلاً: «السوق تعبان» أو «أنا إنسان في حالي؛ محترم لا أوذي أحدًا واحترم الجميع واحبهم؛» «اعذروني لا أريد أن أحشر نفسي»!. حينئذ يبتسم محدثي وربما ضحك من هذا الأسلوب لغرابته بالنسبة إليه من جهة ولطرافته من جهة أخرى، وطبعًا يقال لكل موقف طريقته الخاصة فلا يخلط الهزل بالجد، ولا العكس بالعكس .. .

قدمت بهذا الكلام لأتحدث عن شخصية لها وقعها الإيجابي والسلبي في نفس الوقت على الوسط المحيط به .. .

فهو رجل كبير في السن تعلو محياه لحية كبيرة بيضاء تزيده وقارًا إلى وقاره .. هذه الرجل له أيادي بيضاء على كثير

من الأسر الفقيرة والارامل والأيتام، وله نشاط واسع في السعي في التوفيق بين الجنسين لوجه الله تبارك وتعالى دون قصد المردود المادي .. المقصود أنه طرق الكثير من أبواب الخير يلتمس فيها رضى الرحمن.

لكن ـ سبحان الله ـ فيه خصلة واحدة تسيطر عليه وتتملكه ولا يستطيع أن يدعها أبدًا إنها (المقالب) فهذا الرجل لم يترك أحدًا إلا وصنع له مقلبًا محترمًا، وغالب مقالبه من العيار الثقيل! التي ربما أوقعته في محرم دون أن يشعر أو شعر ـ الله أعلم به ـ ولذلك لقب بالفُكس Fox الثعلب لشدة ذكائه ودهائه وروغانه وخروجه من أحلك وأصعب المواقف المحرجة.

مقالبه لم ينجو منها أحد حتى زوجته أم ولده لم تسلم بل دائمًا ما يصنع لها خصيصًا مقالبه؛ ومن ذلك: تعرفون أن هناك طبع في بعض النساء ـ وليس كلهم ـ تفتيش جيوب ثوب الزوج خاصة إذا كانت من النوع الشكاك؛ فزوجته تشعر بأن زوجها قد يكون متزوجًا من ورائها دون أن تعلم لكثرة ما يدل الرجال على النساء!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير