إلا أنهم لم يقولوا بوجوبه وتعيينه فالذي نقل عن الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة من قول في هذه المسألة يدل على أنه استدل بفعل ابن عمر رضي الله عنهما، وأن فتواه لم تتجاوز ما فعله رضي الله عنه وهذا من دقة فقه الإمام مالك، ويتضح لك هذا من عبارته ففي الشفا للقاضي عياض: وقال ممالك في "المبسوط" وليس يلزم من دخل المسجد وخرج منه من أهل المدينة الوقوف بالقبر، وانما ذلك للغرباء.
وفال فيه أيضا: لا بأس لمن قدم من سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر.
فقيل له: فإن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة والمران أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة؟
فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع ولا يصلح آخر هذه الأمة الا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويكره الا لمن جاء من سفر أو أراده"1.
وقد ذكر الإمام مالك في موطئه فعل عبد الله بن عمر وأنه كان يأتي فيقول: "السلام عليك يارسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت"، ثم ينصرف.
وفي رواية: كان إذا قدم من سفر. رواه معمر عن نافع عنه.
وعلى هذا اعتمد مالك رحمه الله فيما يفعل عند الحجرة إذ لم يكن عنده إلا أثر ابن عمر رضي الله عنهما.
وأما ما زاد على ذلك مثل الوقوف للدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم وكثرة التردد على القبر للصلاة والسلام عليه فقد كرهه مالك، وقال هو بدعة لم يفعلها السلف ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها1.
وقد تقدم ذكر نص كلامه وإذا كان مالك رحمه الله يكره أن يطل الرجل الوقوف عنده صلى الله عليه وسلم للدعاء فكيف بمن لا يقصد لا السلام ولا الدعاء له، وإنما يقصد دعاءه وطلب حوائجه منه، ويرفع صوته عنده فيؤذي الرسول، ويشرك بالله ويظلم نفسه؟ 2
وقد كره الإمام مالك رحمه الله أن يقول القائل: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم. كره هذا اللفظ لأن السنة لم تأت به في قبره3.
وقد ذكروا في تعليل ذلك وجوها، ورخص غيره في هذا اللفظ للأحاديث العامة في زيارة القبور.
ومالك يستحب ما يستحبه سائر العلماء من السفر إلى المدينة والصلاة في مسجده. وكذلك السلام عليه وعلى صاحبيه عند قبورهم اتباعا لابن عمر.
ومالك من أعلم الناس بهذا لأنه قد رأى التابعين الذين رأوا الصحابة بالمدينة ولهذا كان يستحب اتباع السلف في ذلك، ويكره أن يبتدع أحد هناك بدعة.
فكره أن يطيل الرجل القيام والدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم ما كانوا يفعلون ذلك.
وكره الإمام مالك لأهل المدينة كلما دخل انسان المسجد أن يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك.
وقال رحمة الله عليه: ولن يصلح آخر هذه الأمة الا ما أصلح أولها"1. وقد صرح مالك وغيره: بأن من نذر السفر إلى المدينة النبوية إن كان مقصوده الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى بنذره وإن كان مقصوده مجرد زيارة القبرى من غير صلاة في المسجد لم يف بنذره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد" والمسألة ذكرها القاضي إسماعيل بن إسحاق في المبسوط"2.
وما أفتى به الإمام مالك من جواز السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند حجرته التي دفن فيها وذلك لمن قدم من سفر هو ما أفتي به باقي الأئمة الأربعة.
ـ[محمد العفاسى]ــــــــ[10 - 02 - 08, 09:19 ص]ـ
المقصود بالمواجهة الشريفة الوقوف أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم للسلام عليه، وتسميتها بالمواجهة الشريفة لايعرف عن السلف الصالح وإنما تسمى السلام على النبي صلى الله عليه وسلم كمافعل ابن عمر رضي الله عنه.
جزاك الله خيرا على ما كتبت
ـ[أبو عبدالله الخليفة]ــــــــ[10 - 02 - 08, 03:40 م]ـ
المقصود بالمواجهة الشريفة الوقوف أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم للسلام عليه، وتسميتها بالمواجهة الشريفة لايعرف عن السلف الصالح وإنما تسمى السلام على النبي صلى الله عليه وسلم كمافعل ابن عمر رضي الله عنه.
أخي عبدالرحمن ..
أما عن تسميتها بالمواجهة فهو من باب وصف الشيء بمناسبه ..
حيث المراد به مواجهة الشريف صلى الله عليه وسلم ..
فأي حرج في التسمية،،
أما كونها لم ترد عن السلف كما ذكرت فليس بلازم،، فليست التسميات في هذا الشأن توقيفية أو تحتاج إلى تمحيل للمصطلحات ...
وأظنه قد فاتك أن هناك فرق بين المكان والفعل ...
فالمكان هو المواجهة الشريفة ..
وأما الفعل فهو السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وقد خلطت بين الأمرين ..
فقولك:: تسمى السلام على رسول الله .. هذا فعل وليس بمكان لحدوث السلام فيه ..
فالأخت سألت عن مكان المواجهة ,, ولم تسأل عن الفعل الحاصل فيها ..
والسلام ..
¥