تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تأملات في الهزائم والانتصارات]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[05 - 02 - 08, 07:01 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ر ب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين

اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

[تأملات في الهزائم والانتصارات]

هذا الموضوع يسلط الضوء على المواقع الفاصلة، والأحداث الكبرى في بعض مراحل تاريخ الأمة المسلمة، والله - سبحانه وتعالى - قد قصّ علينا قصص السابقين، وساق لنا قصص الأنبياء والمرسلين، لنتدبر فيها ونستقي منها العبرة، ونقرأ بين سطورها , وفي ثناياها الدروس التي كتبها الله - سبحانه وتعالى - في قواعد محكمة .. " إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... " (سورة الرعد: 11) "كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" (المجادلة: 21 (.

قضى الله - سبحانه وتعالى - بأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين، وكما قضت حكمته أن قطع على نفسه الوعد بأنه يدافع عن الذين آمنوا، وربط الشرط بالمشروط .. " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ... ") محمد: 7 (.

غاية الأمر أننا نريد أن نسلط الضوء لنقرأ فيما وراء الأحداث، ولنتأمل في الأمور التي قد لا يكترث الناس بها، ولا تخلد في أذهانهم ولا تبقى في عقولهم ..

اقرأ التاريخ إذ فيه العبر ... ضاع قوم ليس يدرون الخبر

إن أمة لا تقرأ تاريخها لا يمكن أن تعرف حاضرها, ولا أن تخطط لمستقبلها، قال تعالى: " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى .. " (يوسف: 111 (.

هذه الدنيا كلها بما فيها من الأحداث درس وعبرة، يظهر للمؤمن فيها قدر الله - عز وجل - النافذ وحكمته البالغة ومشيئته التي لا يردها شيء، وكذلك تظهر من خلالها الصورة الحقيقة لأسباب النصر، والصورة الحقيقية لأسباب الهزيمة.

الوقفة الأولى: إعلان النصر قبل المعركة:

شاهت الوجوه واتضحت مصارع القوم:

معلوم أن الانتصار لا يعلن قبل اللقاء، وأنه في المعارك المهمة يبقى الجزم بالنصر والجولة الأخيرة حتى اللحظات الأخيرة غير معروف، لكن سنأخذ ومضات سريعة نرى فيها أن النصر أعلن قبل بدء المعركة في كثير من الأوقات، وذلك بسبب أن الذي جزم بهذا النصر قبل اللقاء قد استحضر أموراً معينة، ورأى الأسباب مهيأة، وعرف حقائق إيمانية لا تزول ولا تتغير فجزم بذلك ..

في أول يوم من أيام الله - عز وجل - في يوم الفرقان .. يوم بدر الأغر لما قضى الله - عز وجل - أن يلتقي محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام الميامين بكفار قريش ولم يكونوا قد تهيؤا لذلك

عندما صُفَّت الصفوف وتعين اللقاء، ماذا صنع الرسول صلى الله عليه وسلم؟ توجه إلى الله عز وجل، وهو يناشد ربه ويسأل مولاه، ويلحف في المسألة , ويلح في الدعاء، ويقول: " اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً .. اللهم هذه قريش قد جاءت بعودها ومطافيلها .. " ويلحّ - عليه الصلاة والسلام – " اللهم نصرك الذي وعدتني " حتى يسقط الرداء من على كتفه الشريف، ويأتي أبو بكر ويقول: " حسبك يا رسول الله؛ فإن الله منجز لك ما وعد " ..

يكفي هذا الدعاء وهذا ا لإلحاح، ثم نجد بعد الدعاء والإلحاح والإلحاف اليقين بالإجابة، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بحفنة من الحصى ورمى بها في جهة الكفار، وقال: " شاهت الوجوه "، ثم قال: " والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم , هذا مصرع عقبة بن أبي معيط .. هذا مصرع أبي جهل .. هذا مصرع أمية بن خلف .. " ويعين مواقع مقاتله, كما قال الرواة في السير فما أخطأ واحد منهم ما أشار.

لقد تيقن - عليه الصلاة والسلام - بالنصر؛ لأنه كان يعلم من أصحابه قلوباً مؤمنة بالله، وجباهاً ساجدة له سبحانه وتعالى، وصفَّاً موطد العرى بالمحبة والألفة في الله عز وجل، فتحققت أسباب النصر، فأعلنه - عليه الصلاة والسلام - قبل بدء المعركة.

أبشروا إذ زاغت الأبصار:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير