تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي الجامع لأخلاق الراوي عن ابن وهب، قال: سمعت مالكا، يقول: (إن حقا على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية، وأن يكون متبعا لأثر من مضى قبله).

وروى أيضاً بإسناده عن سعيد بن عامر: (كنا عند هشام الدستوائي فضحك رجل منا فقال له هشام الدستوائي: تضحك وأنت تطلب الحديث؟).

وعن عبد الرحمن بن مهدي، قال: ضحك رجل عند هشام الدستوائي، فقال له هشام: (يا فتى تطلب العلم وتضحك قال: فقال: أليس الله أضحك وأبكى؟ فقال هشام: فابك إذن).

و عن إسماعيل بن يحيى، قال: رآني سفيان وأنا أمازح رجلا من بني شيبة عند البيت، فتبسمت فالتفت إلي فقال: (تبتسم في هذا الموضع إن كان الرجل ليسمع الحديث الواحد فنرى عليه ثلاثة أيام سمته وهديه).

وروى الخطيب البغدادي في باب آداب الجدال بإسناده عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، يقول: سمعت الشافعي، يقول: ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ وليرغب إلى الله في توفيقه لطلب الحق فإنه تعالى يقول: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ويستشعر في مجلسه الوقار، ويستعمل الهدى، وحسن السمت وطول الصمت إلا عند الحاجة إلى الكلام (الفقيه والمتفقه للخطيب).

وذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله في جامع بيان العلم وفضله: ( .... والعلم لا يحسن إلا بالأدب والأدب النافع حسن السمت وفي كثير القول بعض المقت فكن لحسن السمت ما حييتا مقارفا تحمد ما بقيتا وإن بدت بين الناس مسألة معروفة في العلم أو مفتعلة فلا تكن إلى الجواب سابقا حتى ترى غيرك فيها ناطقا فكم رأيت من عجول سابق من غير فهم بالخطأ ناطق أزرى به ذلك في المجالس عند ذوي الألباب والتنافس وقل إذا أعياك ذاك الأمر مالي بما تسأل عنه خبر فذاك شطر العلم عند العلما كذاك ما زالت تقول الحكما والصمت فاعلم بك حقا أزين إن لم يكن عندك علم متقن) اهـ.

يقول أبو عبد الله الفاسي في (المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات): ( ... ثُمَّ يَمْشِي فِيمَا قَعَدَ إلَيْهِ عَلَى مَا جَلَسَ إلَيْهِ أَوَّلًا مِنْ التَّأَدُّبِ وَالِاحْتِرَامِ فَيَتَكَلَّمُ بِلُطْفٍ وَرِفْقٍ وَيَحْذَرُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ وَأَنْ يَنْزَعِجَ فَيُؤْذِيَ بَيْتَ رَبِّهِ إنْ كَانَ فِيهِ وَبِرَفْعِ صَوْتِهِ يَخْرُجُ عَنْ أَدَبِ الْعِلْمِ وَعَنْ حَدِّ السَّمْتِ وَالْوَقَارِ وَيُوقِعُ مَنْ جَالَسَهُ فِي ذَلِكَ لِاقْتِدَائِهِمْ بِهِ وَكَذَا أَيْضًا يُحَذِّرُ أَنْ يَرْفَعَ أَحَدٌ صَوْتَهُ مِنْ جُلَسَائِهِ فَإِنْ رَفَعَ أَحَدٌ صَوْتَهُ نَهَاهُ بِرِفْقٍ وَأَخْبَرَهُ بِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَكْرُوهِ لِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ إذْ ذَاكَ فِيهِ مَحْذُورَاتٌ) اهـ.

وفي حلية طالب العلم للعلامة بكر عبد الله أبوزيد حفظه الله:

(التحلي برونق العلم:

التحلي بـ (رونق العلم) حسن السمت، والهدى الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، ولزوم المحجة، بعمارة الظاهر والباطن، والتخلي عن نواقضها.

وعن ابن سيرين رحمه الله تعالى قال:

"كانوا يتعلمون الهدى كما يتعلمون العلم".

وعن رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى أنه قال لرجل:

"حدثنا، ولا تحدثنا عن متماوت ولا طعان".

رواهما الخطيب في "الجامع"، وقال: "يجب على طالب الحديث أن يتجنب: اللعب، والعبث، والتبذل في المجالس، بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، فإنما يستجاز من المزاح بيسيره ونادره وطريفة، والذي لا يخرج عن حد الأدب وطريقة العلم، فأما متصلة وفاحشة وسخيفه وما أوغر منه الصدور وجلب الشر، فإنه مذموم، وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر، ويزيل المروءة" اهـ.

وقد قيل:"من أكثر من شيء، عرف به".

فتجنب هاتيك السقطات في مجالستك ومحادثتك) اهـ.

وحملة القرآن يوصون بالتزام حسن السمت أكثر من غيرهم:

يقول الآجري رحمه الله في أخلاق حملة القرآن:

فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَاً لِقَلْبِهِ، يُعَمِّرَ بِهِ مَا خَرَبَ مِنْ قَلْبِهِ، وَيَتَأَدَّبَ بِآدَابِ الْقُرْآنِ، وَيَتَخَلَّقَ بِأَخْلاقٍ شَرِيفَةٍ، تَبِينُ بِهِ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ مِمَّنْ لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.

فَأَوَّلُ مَا يَنْبَغِي لَهُ: أَنْ يَسْتَعْمِلَ تَقْوَى اللهِ عَزَّ وجلَّ فِي السِّرِ وَالْعَلانِيَةِ، بِاسْتِعْمَالِ الْوَرَعِ فِي مَطْعَمِهِ، وَمَشْرَبِهِ، وَمَلْبَسِهِ، وَمَكْسَبِهِ، وَيَكُونَ بَصِيرَاً بِزَمَانِهِ وَفَسَادِ أَهْلِهِ، فَهُوَ يَحْذَرُهُمْ عَلَى دِينِهِ، مُقْبِلاً عَلَى شَأْنِهِ، مَهْمُومَاً بِإِصَلاحِ مَا فَسَدَ مِنْ أَمْرِهِ، حَافِظَاً لِلِسَانِهِ، مُمَيِّزَاً لِكَلامِهِ.

إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِعِلْمٍ، إِذَا رَأَى الْكَلامَ صَوَابَاً، وَإِذَا سَكَتَ سَكَتَ بِعِلْمٍ، إِذَا كَانَ السُّكُوتُ صَوَابَاً، قَلِيلَ الْخَوْضِ فِيمَا لا يَعْنِيهِ، يَخَافُ مِنْ لِسَانِهِ أَشَدَّ مِمَّا يَخَافُ مِنْ عَدُوهِ، يَحْبِسُ لِسَانَهُ كَحَبْسِهِ لِعَدُوهِ، لِيَأْمَنَ مِنْ شَرِّهِ وَسُوءِ عَاقِبَتِهِ، قَلِيلَ الضَّحِكِ فِيمَا يَضْحَكُ فِيهِ النَّاسُ، لِسُوءِ عَاقِبَةِ الضَّحِكِ، إِنْ سُرَّ بِشَيءٍ مِمَّا يُوَافِقُ الْحَقَّ تَبَسَّمَ، يَكْرَهُ الْمِزَاحَ خَوْفَاً مِنْ اللَّعِبِ، فَإِنْ مَزَحَ قَالَ حَقَّاً، بَاسِطَ الْوَجْهِ، طَيِّبَ الْكَلامِ.

لا يَمْدَحُ نَفْسَهُ بِمَا فِيهِ، فَكَيْفَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، يَحْذَرُ مِنْ نَفْسَهُ أَنْ تَغْلِبَهُ عَلَى مَا تَهْوَى مِمَّا يُسْخِطُ مَوْلاهُ. لا يَغْتَابُ أَحَدَاً، وَلا يَحْقِرُ أَحَدَاً، وَلا يَسُبُّ أَحَدَاً، وَلا يَشْمَتُ بِمُصِيبَةٍ، وَلا يَبْغِي عَلَى أَحَدٍ، وَلا يَحْسِدُهُ، وَلا يُسِيءُ الظَّنَّ بِأَحَدٍ إِلا بِمَنْ يَسْتَحِقُ، يَحْسِدُ بِعِلْمٍ، وَيَظُنُ بِعِلْمٍ، وَيَتَكَلَّمُ بِمَا فِي الإِنْسَانِ مِنْ عَيْبٍ بِعِلْمٍ، وَيَسْكُتُ عَنْ حَقِيقِةِ مَا فِيهِ بِعِلْمٍ) اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير