تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - وجاء فى تفسير القرطبي (ج 12 ص 70)، وهو مالكي المذهب، فى المسألة الخامسة، قال ابن خويزمنداد: تضمنت هذه الآية - وهى آية: ((وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ)) (الحج: 40) المنع من هدم كنائس أهل الذمة، وبِيَعِهِم وبيوت نيرانهم، ولا يتركون أن يُحْدِثُوا ما لم يكن، ولا يزيدون في البنيان، لا سعةً ولا ارتفاعًا، ولا ينبغى للمسلمين أن يدخلوها، ولا يصلوا فيها، ومتى أحدثوا زيادة وجب نقضها، وينقض ما وجد في بلاد الحرب من البِيَع والكنائس، وإنما لم ينقض ما في بلاد الإسلام لأهل الذمة؛ لأنها جرت مجرى بيوتهم وأموالهم التى عاهدوا عليها في الصيانة، ولا يجوز أن يُمكَّنوا من الزيادة؛ لأن في ذلك إظهار أسباب الكفر.

3 - وجاء فى كتاب المغنى (ج 10 ص 609) لابن قدامة الحنبلى:

فى أقسام أمصار المسلمين الثلاثة:

أحدها: ما مصَّره المسلمون، كالبصرة والكوفة وبغداد وواسط، فلا يجوز فيه إحداث كنيسة ولا بيعة، ولا مجتمع لصلاتهم، ولا يجوز صلحهم على ذلك، بدليل ما رواه أحمد عن ابن عباس: أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسًا، و لا يشربوا فيه خمرًا، ولا يتخذوا فيه خنزيرًا ......

وما وجد في هذه البلاد من البِيَع والكنائس مثل كنيسة الروم في بغداد فهذه كانت في قرى أهل الذمة، فأقرت على ما كانت عليه.

والقسم الثانى: ما فتحه المسلمون عنوة، فلا يجوز إحداث شيء من ذلك فيه؛ لأنها صارت ملكًا للمسلمين، وما كان فيه من ذلك ففيه وجهان:

أحدهما: يجب هدمه، وتحرم تبقيته.

والثانى: يجوز؛ لأن حديث ابن عباس يقول: أيما مصر مصَّرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوه فإن للعجم ما فى عهدهم؛ ولأن الصحابة فتحوا كثيرًا من البلاد عنوة فلم يهدموا شيئًا من الكنائس، ويشهد لصحة هذا وجود الكنائس والبِيَع فى البلاد التى فتحت عنوة. ومعلوم أنها ما أحدثت، فيلزم أن تكون موجودة فأبقيت.

وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله ألا يهدموا بيعة ولا كنيسة ولا بيت نار؛ ولأن الإجماع قد حصل على ذلك، فإنها موجودة فى بلد المسلمين من غير نكير.

الثالث: ما فتح صلحًا، وهو نوعان:

أحدهما: أن يصالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج عنها، فلهم إحداث ما يحتاجون فيها؛ لأن الدار لهم.

الثانى: أن يصالحهم على أن الدار للمسلمين، ويؤدون الجزية إلينا.

فالحكم فى البِيَع والكنائس على ما يقع عليه الصلح معهم، من إحداث ذلك وعمارته؛ لأنه إذا جاز أن يقع الصلح معهم على أن الكل لهم جاز أن يصالحوا على أن يكون بعض البلد لهم، ويكون موضع الكنائس والبيع معنا، والأولى أن يصالحهم على ما صالحهم عليه عمر ?، ويشترط عليهم الشروط المذكورة فى كتاب عبد الرحمن بن غنم: ألا يحدثوا بيعة، ولا كنيسة، ولا صومعة راهب، ولا قلاَّية.

وإن وقع الصلح مطلقًا من غير شرط، حمل على ما وقع عليه صلح عمر، وأخذوا بشروطه، فأما الذين صالحهم عمر وعقد معهم الذمة فهم على ما فى كتاب عبد الرحمن بن غنم مأخوذون بشروطه كلها. وما وجد فى بلاد المسلمين من الكنائس والبِيَع فهى على ما كانت عليه فى زمن فاتحيها ومن بعدهم، وكل موضع قلنا يجوز إقرارها لم يجز هدمها، ولهم رمُّ ما تشعث منها وإصلاحها، لأن المنع من ذلك يفضي إلى خرابها وذهابها، فجرى مجرى هدمها، وإن وقعت كلها لم يجز بناؤها، وهو قول بعض أصحاب الشافعي، وعن أحمد أنه يجوز، وهو قول أبي حنيفة والشافعي؛ لأنه بناء لما استهدم، فأشبه بناء بعضها إذا انهدم ورم شعثها، ولأن استدامتها جائزة، وبناؤها كاستدامتها. وحمل الخلال قول أحمد: لهم أن يبنوا ما انهدم منها، أي إذا انهدم بعضها، ومنعه من بناء ما أنهدم، على ما إذا انهدمت كلها، فجمع بين الروايتين.

4 - وجاء فى كتاب ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي (ج 3ص 279): ولا تحدث بيعة ولا كنيسة في دارنا، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا خصاء فى الإسلام ولا كنيسة))، والمراد بالنهي عن الكنيسة إحداثها، أي لا تحدث فى دار الإسلام كنيسة فى موضع لم تكن فيه، ويعاد المنهدم من الكنائس والبِيَع القديمة؛ لأنه جرى التوارث من لدن رسول الله صلعم إلى يومنا هذا بترك الكنائس فى أمصار المسلمين، ولا يقوم البناء دائما، فكان دليلاً على جواز الإعادة؛ ولأن الإمام لما أقرهم عهد إليهم الإعادة؛ لأن الأبنية لا تبقى دائما، ولا يمكنون من فعلها فى موضع آخر؛ لأنه إحداث فى ذلك الموضع حقيقة .....

وهذا فى الأمصار دون القرى؛ لأن الأمصار هى التى تقام فيها شعائر الإسلام، فلا يعارض بإظهار ما يخالفها. ولهذا يمنعون من بيع الخمر، والخنازير، وضرب الناقوس، خارج الكنيسة فى الأمصار لما قلنا. ولا يمنعون من ذلك فى قرية لا تقام فيها الجُمع والحدود، وإن كان فيها عدد كثير؛ لأن شعائر الإسلام فيها غير ظاهرة، وقيل: يمنعون فى كل موضع لم تشع فيه شعائرهم؛ لأن فى القرى بعض الشعائر، فلا تعارض بإظهار ما يخالفها من شعائر الكفر. والمروى عن أبي حنيفة كان فى قرى الكوفة؛ لأن أكثر أهلها أهل الذمة. وفى أرض العرب يمنعون من ذلك كله، ولا يدخلون فيها الخمر والخنازير.

وفى الهامش لشهاب الدين أحمد الشلبي ((ص 280) قال فى الفتاوى الصغرى: إذا أرادوا إحداث البيع والكنائس فى الأمصار يمنعون بالإجماع، وأما فى السواد ذكر فى العشر والخراج أنهم يمنعون، وفى الإجارات أنهم لا يمنعون.

واختلف المشايخ فيه، قال مشايخ بلخ: يمنع. وقال الفضلي ومشايخ بخارى: لا يمنع. وذكر السرخسي فى باب إجارة الدور والبيوت من شرح الإجارات: الأصح عندى أنهم يمنعون عن ذلك فى السواد. وذكر هو فى ((السير الكبير)) فقال: إن كانت قرية غالب أهلها أهل الذمة لا يمنعون، وأما القرية التي سكنها المسلمون اختلف المشايخ فيها على نحو ما ذكرنا.

وهل تهدم البِيَع القديمة فى السواد؟ على الروايات كلها، لا، أما فى الأمصار، ذكر فى الإجارات أنها لا تهدم البِيَع القديمة؛ بل تترك، وذكر فى العشر والخراج أنها تهدم. اهـ

مصدر الفتوى: موقع وزارة الأوقاف المصرية

www.islamic-council.com

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير