تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مواعظ مرققة للقلوب ((متجدد))]

ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[14 - 02 - 08, 08:21 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ

إخواني: لو تَفكَّرت النُّفُوسُ فِيمَا بَينَ يَدَيهَا، وَتَذَكَّرَت حِسَابهَا فيما لها وعليها، لبعث حزنها بريد دمها إليها؛ أما يحق البُكاء لمن طالَ عِصيانهُ: نهاره في المعاصي، وقد طال خُسرانه، وليله في الخطايا؛ فقد خفَّ ميزانه، وبين يديه الموت الشديد فيه من العذاب ألوانه

بكيتُ على الذنوب لِعِظَم جُرمِي ... وَحَقَّ لِمَن عَصَى مُرُّ البُكَاءِ

فَلَو أَنَّ البُكَاءَ يَرُدُّ هَمِّي ... لأَسعَدت الدُّمُوع مَعَ الدِّمَاءِ

أَنُوحُ عَلَى نَفسِي وَأَبكِى خَطِيئةً ... تَقُودُ خَطَايا أَثقلت مِنِّي الظَّهرَا

فيا لَذَّة كانت قَلِيل بَقَاؤُهَا ... ويا حَسرَةً دَامَت ولم تُبق لي عُذرَا

يا من معاصيه أكثر من أن تحصى، يا من رضي أن يطرد ويقصى، يا دائم الزلل وكم ينهى ويوصى، يا جهولاً بقدرنا ومثلنا لا يعصى، إن كان قد أصابك داء داود فنح نوح نوح، تحيا بحياة يحيى

بَكَى البَاكُونَ لِلرَّحمنِ لَيلاً ... وبَاتُوا دَمعُهُم ما يَسأَمُونَا

بِقَاعُ الأَرضِ من شوقي إِليهم ... تَحُنُّ متى عَليها يَسجُدونا

وَرَقَّت دُمُوعُ العين حتىَّ كأَنَها ... دُمُوعُ دمُوعِي، لا دُمُوع جُفُونِي

فيا قياسي القلب، هَلاَّ بكيت على قسوتك، ويا ذاهل العقل في الهوى هَلاَّ ندمت على غفلتك، ويا مقبلاً على الدنيا فكأنك في حفرتك، ويا دائم المعاصي خف من غبِّ معصيتك؛ ويا سيئ الأعمال نُح على خطيئتك، ومجلسنا مَأتَمٌ للذنوب، فابكوا فقد حَلَّ مِنَّا البُكَاء، ويوم القيامة ميعادنا لكشف الستور وهتك الغطاء.

ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[16 - 02 - 08, 03:54 م]ـ

تَفَكَّر في يَومِ القِيَامَةِ

إخواني: تفكروا في الحشر والمعاد، وتذكروا حين تقوم الأشهاد: إن في القيامة لحسرات، وإن في الحشر لزفرات، وإن عند الصراط لعثرات، وإن عند الميزان لعبرات، وإن الظلم يومئذ ظلمات، والكتب تحوى حتى النظرات، وإن الحسرة العظمى عند السيئات، فريق في الجنة يرتقون في الدرجات، وفريق في السعير يهبطون الدركات، وما بينك وبين هذا إلاَّ أن يقال: فلان مات، وتقول: رَبِّ ارجعوني، فيقال: فات

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم)

وأخرجا جميعاً من حديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث: (ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهراني جهنم، فقيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: مدحه ومزلة، عليه خطاطيف وكَلاليب وحسك، المؤمن يعبر عليه كالطرف وكالبرق، وكالريح، وكأجاويد الخيل، فناج مسلم، وناج مخدوش، حتى يمرّ آخرهم يُسحب سحباً)

لله درَ أقوام أطار ذكر النار عنهم النوم، وطال اشتياقهم إلى الجنان الصوم، فنحلت أجسادهم، وتغيرت ألوانهم، ولم يقبلوا على سماع العذل في حالهم واللوم، دافعوا أنفسهم عن شهوات الدنيا بغد واليوم، دخلوا أسواق الدنيا فما تعرضوا لشراء ولا سوم، تركوا الخوض في بحارها والعوم، ما وقفوا بالإِشمام والروم، جدوا في الطاعة بالصلاة والصوم، هل عندكم من صفاتهم شئ يا قوم؟ قالت أُم الربيع أُم حيثم لولدها: يا بني أَلا تنام؟ قال: يا أُماه، من جَنَّ عليه الليل وهو يخاف الثبات حق له أن لا ينام فلما رأت ما يلقى من السهر والبكا، قالت: يا بني لعلك قتلت قتيلاً، قال: نعم، قالت: ومن هذا القتيل حتى نسأل أهله فيغفرون، فوالله لو يعلمون ما تلقى من السهر والبكاء لرحموك، فقال: يا والدتي، هي نفسي

ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[17 - 02 - 08, 11:26 م]ـ

اذكُر المَوت

إخواني: أكثروا من ذكر هاذم اللذات وتفكروا في انحلال بناء اللذات وتصوروا مصير الصور إلى الرفات وأَعدوا عدةً تكفي في الكفات واعلموا أن الشيطان لا يتسلط على ذاكر الموت وإنما إذا غفل القلب عن ذكر الموت دخل العدو من باب الغفلة

قال الحسن: إن الموت فضح الدنيا فلم يترك لذي لُب به فرحاً

وقال يزيد بن تميم: من لم يردعه الموت والقرآن ثم تناطحت عنده الجبال لم يرتدع

سُئل ابن عياض عن ما بال الآدمي تُستنزع نفسه وهو ساكت وهو يضطرب من القرصة قال: لأن الملائكة توقفه يا بن آدم مثل تلك الصرعة قبل أن تذر كل غرة فتتمنى الرجعة وتسأَل الكرة كَم من محتضر تمنَّى الصحة للعمل هيهات حقر عليه بلوغ الأَمل أَو ما يكفي في الوعظ مصرعه أو ما يشفي من البيان مضجعه

أما فاته مقدوره بعد إِمكانه 00 أَما أنت عن قليل في مكانة 0 ولَمَّا احتضر عبد الملك بن مروان قال: والله لوددت أنَّي عبد رجلٍ من تهامة أرعى غنيمات في جبالها وأني لم ألِ

يا من قد امتطى بجهله مطايا المطالع لقد ملأ الواعظ في الصباح المسامع تالله لقد طال المدى فأَين المدامع أَين الذين بلغوا المنى

فما لهم في المنى منازع رمتهم المنايا بسهامها في القوى والقواطع فعلموا أن أيام النعم في زمان الخوادع ما زال الموت يدور على الدوام حتى طوي الطوالع صار الجندل فراشهم بعد أن كان الحرير فيما مضى المضاجع ولقوا والله غاية البلاء في تلك البلاقع جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا وبنوا مساكنهم فما سكنوا فكأَنهم بها ظعناً لما استراحوا ساعة ظعنوا

لقد أُمكنتَ الفرصة أيها العاجز ولقد زال القاطع وارتفع الحاجز ولاح نور الهدى فالمجيب فائز وتعاظمت الرغائب وتفاقمت الجوائر فأَين الهمم العالية وأَين النجائز أَما تخافونهادم اللذات والمنى والمناجز أما اعوجاج القناة دليل الغامز. أما الطريق طويل وفيه المفاوز أما عقاب العتاب تحوى الهزاهز

ما القبور قنطرة العبور فما للمجاوز أما يكفي في التنقيص حمل الجنائز أَما العدد كثير فأَين المبارز أما الحرب صعب والهلك ناجز والقنا مسوغ والطعن واجز والأمر عزيز والرماح البوس نواكز

تالله بطلت الشجاعة من بني العجائز وتريد إِصلاح نادك والأمر ناشز 0 إِن لم يكن سبق الصديق فليكن توبة ماعز

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير