تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[خواطر من إندونيسيا]

ـ[العوضي]ــــــــ[29 - 02 - 08, 03:00 م]ـ

[خواطر من إندونيسيا]

كتبه/ الدكتور محمد محمد عبده

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

الحمد لله, والصلاة والسلام, على رسول الله, وبعد,

فقد وُجهت إلي من شهر يوليو الماضي دعوة كريمة من كلية الشريعة الإسلامية بجامعة الرانيري الإسلامية الحكومية بمحافظة دار السلام بندا أتشيه بجمهورية إندونيسيا لحضور المؤتمر العالمي الذي أقامته الكلية في الفترة من 19 - 21 يوليو 2007م حول الشريعة الإسلامية وتحديات العولمة طرح للصورة المثالية والواقعية لتطبيق الشريعة الإسلامية في الإقليم سالف الذكر, حيث يعد تطبيق الشريعة مطلباً شعبياً ورسمياً في هذا الإقليم منذ سنوات عدة, وقعت خلالها كثير من المعارك بين أبناء إقليم أتشيه وبين الحكومة الإندونيسية من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية في الإقليم، أو الاستقلال عن الحكومة المركزية في جاكرتا.

وقد أرسلت لي الكلية محاور المؤتمر والتي كانت تحتوي على كافة الأنشطة التي تقوم بها الدولة الحديثة, كي يتقدم المشاركون في المؤتمر بطرح صورة شرعية للعمل على تطبيقها من أبناء هذا الإقليم. وبمناقشة العلماء والأساتذة في هذه المحاور أجمعوا على أن الموضوع جد وما هو بالهزل, وليس على منوال المؤتمرات التي عقدت لتطبيق الشريعة في بلاد أخرى من بلاد المسلمين؛ ومن ثم فهو جدير بالاهتمام وأخذه مأخذ الجد.

فاستعنت بالله -تعالى- وحاولت قدر جهدي تجميع المادة العلمية لها مع البحث مع أخذ رأي العلماء في كثير من مسائله، وقد كان لهم دور كبير في التوجيه والإرشاد فجزاهم الله خيراً.

ومع ضيق الوقت وقلة الزاد والبضاعة، منَّ الله عليَّ بإتمام البحث وإعداده وكتابته قبل السفر، وتهيأت للسفر حتى جاء الموعد فتوجهت مع مرافقي الإندونيسي إلى مطار أبو ظبي ومنها إلى جاكرتا -عاصمة إندونيسيا- وقد كنا في الطريق قد قضينا ليلتنا الأولى في أبو ظبي تلك المدينة الجميلة, ولكن كل ما فيها لا يوحي بأنك في جزيرة العرب، فنادراً ما تجد أحداً يتكلم العربية من أول موظف شركة الطيران إلى العاملين في الفندق إلى سائق السيارة فتعجبت أن أكون في جزيرة العرب ولا أجد من أتكلم معه باللغة العربية.

المهم توجهنا في اليوم الثاني إلى جاكرتا في رحلة طويلة بلغت حوالي ثمان ساعات، انتهينا من الإجراءات, قابلنا هناك اثنان من إخواننا الذين كانوا يدرسون في الأزهر منذ سنوات, توجهنا إلى الفندق الذي سنبيت به ليلتنا ثم نركب طائرة في رحلة داخلية حوالي ثلاث ساعات لنصل إلى جزيرة سومطرة حيث إقليم أتشيه حيث مدينة باندا التي يقام بها المؤتمر الذي ذهبنا من أجله. أمضينا وقتاً طويلاً في شوارع العاصمة وطرقاتها زاد على أربع ساعات حتى انتهينا إلى الفندق.

خلال هذه المدة لاحظت أنها مدينة شديدة الزحام حيث يسكنها حوالي عشرين مليوناً من المسلمين وغيرهم، كما أن الناس يلهثون كذلك من أجل أرزاقهم فشعرت كأنني في القاهرة إضافة إلى العشوائيات, لكن ما لفت انتباهي بشدة أنها بلاد في غاية الخصوبة فلا تكاد ترى بقعة إلا وقد نبتت فيها الخضرةوالأشجار، حتى الجبال فكأنها مجموعة من الغابات، بل إن الخضرة لتنبت على مدارج الطائرات في مطار العاصمة وغيرها من المطارات التي نزلنا فيها. عندها شعرت أن الأوضاع في بلاد المسلمين متقاربة ومتشابهة حتى أنها تكاد تكون واحدة خاصة البلاد التي اتخذت مناهج شرقية أوغربية وبعدت بعداً كبيراً عن شريعة اللهً -تعالى-.

إذا كنت لم تعرف أن إندونيسيا دولة مسلمة أو هي أكبر دولة مسلمة على وجه الأرض ونزلتَ شوارع العاصمة جاكرتا فإنك لن تشعر بأنك في دولة إسلامية كبرى, فمظاهر التفرنج بادية على الناس هناك, ربما لا تجد صاحب لحية في الطريق, ولا تجد حجاباً يرضي، كما أنك لن تسمع الأذان إلا نادراً, المساجد الكبيرة قليلة جداً, بل إن الزوايا كذلك قليلة جداً. دخلنا مبنى تجارياً وسكنياً ضخماً, كان فيه مكتب شركة الطيران فحضر وقت الصلاة فسألنا في هذا المبنى الضخم الشاهق الارتفاع عن مسجد أو مصلى فقالوا يوجد مسجد ووصفوا لنا مكانه، فذهبت إليه مع مرافقي ومن معنا من إخواننا الإندونيسيين الذين كانوا في استقبالنا, فوجدناه لا يتسع لأكثر من أثنين يصلي أحدهما إماماً والآخر مأموماً بجواره فإذا ما فرغا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير