تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخي الكريم: إن النصيحة والتواصي بالحق من أهم الأخلاق التي غابت بين الناس رغم أنها ركيزة من ركائز الفوز في الدنيا والآخرة، قال-تعالى-: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (العصر:1 - 3).

وحين تغيب النصحية والتواصي بالحق، يحل محلها الغيبة, والنميمة، وتتبع العورات، وتلقف الزلات، والهمز, واللمز، والطعن في الأعراض، ولو صدق المغتاب في قوله ... لنصح وما فضح!.

ولو صدق من يسمعه في سمعه .. لنصحه بأن ينصح قبل أن يتكلم! عملاً بقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم- (الدين النصيحة) (7) وفي ذلك من بيان مكانة النصيحة مالا يخفى على مسلم عاقل.

البشاشة والرفق:

أخي الكريم: إن البشاشة الصادقة, والرفق بالناس هما طريقان مسيران للقلوب، فبهما تزول الوحشة ويحصل الأنس، وتحل الطمأنينة محل الشك والريبة، وها هو القرآن يعلمنا ثمرات الرحمة والرفق.

قال الله-تعالى- فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (آل عمران: من الآية159).

وقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- (لا تحقرن َّمن المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) (8).

وقال-صلى الله عليه وسلم- (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة) (9).

ولله در القائل:

وما اكتسب المحامد حامدوها **** بمثل البشر والوجه الطليق

وأما خلق الرفق فهو صفة من الصفات الإلهية يحبها الله-سبحانه-ويحب أهلها كما أخبر بذلك رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) (10).

والرفق في الأمور من أسباب نجاحها, وتمامها, وزينتها، كما قال-صلى الله عليه وسلم- (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه) (11) , وقد أقر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أن اللين, والسهولة, والرفق, من صفات أهل الجنة, فقال: (أهل الجنة كل هين لين سهل قريب من الناس) (12).وفي مسند أحمد (حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس) (13).

الكلمة الطيبة:

أيها الأحبة في الله: إن الكلمة الطيبة من أجل العبادات التي ترفع مقام صاحبها عند الله، كما أخبر بذلك رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال (إن الرجل لتكلم بالكلمة من رضوان الله-تعالى-ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت, يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه) (14).

وما كان هذا الثواب العظيم جزاء الكلمة الطيبة, إلا لما لها من وقع في النفوس، ومن دورٍ في حفظ العلاقات الاجتماعية بين الناس، ونشر المحبة, والوئام, والمودة بينهم، ولذلك أمر الله-جل وعلا-بها في آية صريحة فقال:وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً (البقرة: من الآية83).

وانتقاء الكلمة الطيبة لا يستطيعه إلا من وفقه الله لذلك؛ لأنه يقتضي من المجاهدة ما يدعو إلى عدم الرد على الشاتم بالمثل, وإلى الصبر على الشاتم بالمثل، وإلى الصبر على الهامز, والامز, والمُعيِّر, والقاذف, والمؤذي بلسانه ... , وإن كانوا يبذلون الكلمة الطيبة في غير الخصومة, إلا أنه حين يشتد غضب الآخرين, وتظهر بوادر تسلط ألسنتهم, فإن اللين من يوفق إلى مقابلة الغلظة باللين، والغضب بالعفو, والسماحة, والحلم.

بنيَّ إنَّ البرٌ شيءٌ هينٌ ... وجهٌ طليقٌ ولسانٌ لينٌ

إفشاء السلام:

أيها الأحبة في الله: إن إفشاء السلام من الأسباب التي تبعث المحبة بين الناس فقد جاء عن أبي هريرة-رضي الله عنه-أنه قال: قال رسول الله-صلى الله عله وسلم– (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم) (15).

وإفشاء السلام لا يختص بالمسلم المعروف لدى المسلم، بل هو لكل مسلم عرفته أولم تعرفه, وحسبك أنك تظفر من ذلك بحسنات تجدها ذخراً ونصيراً يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ومعاني السلام كلها معاني جميلة تدل على المودة, والمحبة, والوصال، ولذلك نهى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-عن هذه المعاني فقال (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكنوا عباد الله إخوانا، ولا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) (16).

القناعة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير