تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مع أن الإنسان لو عمر عمر نوح، وأعطي قوة عاد وثمود ن فلن يأخذ بهما فوق ما قدره الله له، ولن يمنعاه من الموت، فكان من تمام العقل البدار إلى الله ولقاءه، والاستعداد لذلك باغتنام الحياة، إذ هي وقت البدار، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، و صحتك قبل سقمك، و غناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك " (10 (

و لانعني بهذا أن يتبرهن الناس أو أن يجلسوا في البيوت، و يدعوا الحياة، فذلك غير مراد، وإنما السير في الحياة، والقيام بواجب الاستخلاف من غير تلج الحياة قلوب العباد، والصحابة -جيل القدوة -جمعوا بين الاثنين، العمل للدنيا والآخرة - في منظومة غير متنافرة لسان حالهم:" اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا " فصحت لهم الدنيا وكانوا فيها سادة، وصحت لهم الآخرة، وأثنى عليهم رب العباد سبحانه، ورسوله- صلى الله عليه وسلم -

فحال المرء في الدنيا كعبد أرسله سيده في حاجة إلى غير بلده، فشأنه أن يبادر بفعل ما أرسل فيه ثم يعود إلى وطنه، ولا يتعلق بشيء غير ما هو فيه، قال النبي-صلى الله عليه وسلم-

" كن في الدنيا كانك غريب أو عابر سبيل " (11 (

دخل رجل على أبي ذر -رضي الله عنه - فجعل يقلب بصره في بيته فقال:" يا أب ذر أين متاعك؟ فقال: إن لنا بيتا نتوجه إليه، فقال: إنه لابد لك من متاع ما دمت هنا، فقال: إن صاحب المنزل لا يدعنا ههنا.

وقال سلمان الفارسي -رضي الله عنه -:" ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني: مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس يغفل عنه، وضاحك ملء فيه ولا يدري أساخط رب العالمين عليه أم راضي"

و كان الحسن يقول في موعظته: المبادرة المبادرة، فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تترقبون بها إلى الله، رحم الله امرأ نظر إلى نفسه، وبكى على عدد ذنوبه.

وعوتب بعض الصالحين على كثرة العبادة، فقال: إن الدنيا كانت ولم أكن فيها، وستكون ولا أكون فيها، ولا أريد أن أغبن أيامي.

الحياة لا تتوقف لموت أحد مهما بلغ في عز السلطان والجاه، وما هي إلا أيام ويطيه النسيان كما طواه التراب قبل، وذلك في الأقربين فكيف في الأبعدين، فاغتنم حياتك أيها المسكين، واعمل ليوم تشيب فيه الولدان.

قال ابن القيم رحمه الله: "ما مضى من الدنيا أحلام، وما بقي منها أماني، والوقت ضائع بينهما "

أرى الدنيا لمن هي في يديه عذابا كلما كثرت لديه

تهين المكرمين لها بصغر وتكرم كل من هانت عليه

إذا استغنيت عن شيء فدعه وخذ ما أنت محتاج إليه

طوبى لعبد بادر ساعته، واستعد للقاء ربه، وكان لسان حاله " وعجلت إليك رب لترضى " طه84

اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهدى، ومن المعصية بعد الطاعة، فسددنا، واهدنا، واغفر لنا وتب علينا واجعلنا من الراشدين

بقلم: أبي صابر عاطف بن صابر شاهين

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

نقلها لكم أخوكم

رضوان بن أحمد تولايت الجزائري الأزهري


(1) الظلال (4/ 2126) بتصرف
(2) برقم (6417)
(3) الفتح (11/ 242)
(4) أخرجه وكيع في الزهد (2/ 437)،وأحمد في المسند (3/ 18) والرامهرمزي في الأمثال ص 170 من حديث ابي سعيد الخدري مرفوعا، وحسن إسناده العراقي في "المغني" بهامش الإحياء (4/ 438)
(5) انظر إحياء علوم الدين (4/ 441)
(6) أخرجه البخاري (1339) ومسلم (2372) من حديث أبي هريرة
(7) أخرجه البخاري (6348) من حديث أم المؤمنين عائشة
(8) أخرجه البخاري (6420)
(9) أخرجه البخاري (6421)
(10) أخرجه الحاكم (4/ 306) وصححه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا
(11) أخرجه البخاري ((6416

http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=1552

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير