بعد حوالي أسبوعين من الاجتياح, وبالتحديد يوم الخميس الساعة الرابعة مساءً, قرر "حمودة بعلوشة" 16 عامًا, صديق أحمد الذي أصيب معه, بعد أن تعافى من إصابته, زيارة صديقه "محمد حجازي" الوحيد من أصدقائه الذين بقوا على قيد الحياة بعد الاجتياح, ويرقد في غرفة العناية الفائقة في مجمع الشفاء الطبي منذ 13 يومًا, ملفوفًا من كافة أنحاء رأسه ووجهه بالشاش الأبيض, وفي اليوم الذي توجه فيه حمودة لزيارة "حجازي" كان الأطباء قد رفعوا الشاش الأبيض عن رأسه، وبمجرد أن شاهد بعلوشة صديقه محمد حجازي، حتى صرخ بأعلى صوته: هذا أحمد أبو سلامة .. هذا أحمد أبو سلامة. وأصيب بحالة من الهستيريا لدرجة أن الطاقم الطبي في غرفة العناية الفائقة طلب منه الخروج للخارج.
وعلى الفور قام بعلوشة بالاتصال بنعيم أبو سلامة والد أحمد ليحضر ليرى ابنه، الذي حضر على الفور, وبمجرد اقترابه من سرير أحمد حتى بدأ يصرخ: ميشو .. ميشو (لقب أحمد أبو سلامة في بيته) , وهنا أذهلت عائلة محمد حجازي متسائلة: أين ابنها إذن؟! ومما زاد الأمر تعقيدًا هو الشبه الكبير في الوجه والجسم حتى العمر بين أحمد أبو سلامة ومحمد حجازي.
الأم عنوان ولدها:
على الفور اتصل نعيم أبو سلامة بزوجته كريمة أبو سلامة التي تحدثت لـ"مفكرة الإسلام" عن اللحظات التي وجدت فيها ابنها حيًا يرزق قائلة: توجهت إلى المستشفى وعندي إحساس بأنني سأجد أحمد, حيث إنني كنت أكرر لأقارب أحمد في بيت العزاء بأن أحمد لا يزال حيًا يرزق، وعندما وصلت المستشفى ودخلت غرفة العناية المركزة وكشفت عن وجهي له – حيث إنها سيدة منتقبة – حتى انتفض أحمد من سريره وبدأ يبكي, وقطعت الشك باليقين للأطباء بعلامات لابني, حيث إن له شامة كبيرة وسط بطنه، كما أن لديه آثار غرز لجرح أصيب به في حادث سير قبل عدة أعوام.
أحمد لا يستطيع الحديث على الإطلاق بسبب وجود أنبوب في حلقه, بالإضافة إلى أن الإصابة في الرأس كانت قد أتلفت جزءًا من ألياف المخ, الأمر لذي جعل الحديث بالنسبة لـ"أحمد" أمرًا عسيرًا على الأقل في الفترة الحالية.
عندها تأكدت عائلة حجازي أن الشخص الذي كانوا ينتظرون خبرًا سارًا عنه وكانوا في انتظاره دومًا خارج غرفة العناية المركزة لم يكن هو ابنهم "محمد"؛ لأن محمد كان قد استشهد قبل 13 يومًا, ولكن الذي تولى دفنه عائلة "أبو سلامة" ... كانت صدمة غير عادية بالنسبة لهم, ولكن كان يتوجب عليهم قبول قدر الله, فلملموا جراحاتهم، وقاموا بفتح بيت عزاء له في مخيم جباليا.
ولعل الشبه الكبير بين أحمد أبو سلامة ومحمد حجازي، والشاش الأبيض المغطي لرأس ووجه أبو سلامة كانت من العوامل الرئيسة في صعوبة التعرف والتفرقة بينهما.
مناشدة أم:
الوضع الصحي لأحمد كما قال الأطباء مستقر وتعدى مرحلة الخطر الشديد, ولكن الإصابة مازالت حرجة، فالشظايا قد أصابت المخ, الأمر الذي أدى إلى توقف حركة بعض أعضاء من جسمه نتيجة لتلف بعض الخلايا, وبحاجة ماسة لمستشفى متخصص بذلك, علمًا أن قطاع غزة يعاني من نقص حاد في المواد الطبية والأجهزة الصحية اللازمة لإعادة التأهيل.
والدة أحمد ناشدت بنبرة مفعمة بالبكاء الجميع لمساعدتها في تحمل علاج ابنها ومحاولة إرساله إلى مستشفى مؤهل لاستقباله, وخصت بالذكر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بالتدخل لاستقباله في مستشفيات المملكة العربية السعودية, داعية كل من يقرأ أو يسمع مناشدتها إيصالها لذوي الشأن, علمًا بأن الحكومة السعودية بالإضافة إلى العديد من الدول العربية لها بصمات واضحة في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني الجريح, لا سيما المجال الصحي منها.
وختمت قائلة: لقد تلوعت في الأيام الماضية ومررت بفترة عصيبة للغاية، ونحن عائلة فقيرة للغاية وبحاجة إلى من يقف بجانب ابننا - الذي ربما أصابه شلل نصفي - لعله يعود ويتحدث معنا, مبديةً ثقة كبيرة بالله الذي رد لها ولدها بعد أن قطعت الأمل في لقائه في الدنيا.
أظن أن هذا الأمر وتلبية نداء الأم أهم من نحقيق مسند أحمد
فمن يرفع نداء أم أحمد