تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكني أقول: إنه ينبغي لطالب العلم أن يطلبه كما ينبغي، ويتعلمه على الوجه الذي يريده الله منه، معتقداً أنه أعلى أمور الدين والدنيا، راجياً أن ينفع به عباد الله بعد الوصول إلى الفائدة منه.

ومن جملة النفع إذا احتاج إليه الملوك وأهل الدنيا أن يلي منصباً من المناصب، فطلبوا منه ذلك، وعوَّلوا عليه في الإجابة معترفين بحق العلم منقادين إلى ما يوجبه الشرع معظمين لما أوجب الله تعظيمه، وكان قد بلغ إلى منزلة في العلم تصلح ذلك المنصب، وشهد له أهل العلم بكمال التأهل، وإحراز عدته - فهذا إذا كان الحال هكذا لا يحل له أن يمتنع من الإجابة، أو يأبى من قبول ذلك؛ فإنه إذا فعل ذلك كان تاركاً لما أوجبه الله عليه من القيام بحجته، ونشر أحكامه، وإرشاد عباده إلى معالمه، ونهيهم عن تجاوز حدوده.

ولا شك أن ذلك من أوجب الواجبات على أهل العلم وأهم المهمات.

ولو جاز ذلك لمن طلب منهم وعُوِّل عليه لجاز لغيره من أهل العلم أن يصنع كصنعه، ويسلك مسلكه؛ فتتعطل معاهد الشرع، وتذهب رسومه "ويتخذ الناس رؤساء جهالاً يقضون بغير علم فيضلون ويضلون" وذلك من علامات القيامة، وأشراط الساعة- كما ورد به الخبر الصحيح-.ص219 - 220

30 - وبالجملة: فمن كان قاصداً إلى علم من العلوم كان عليه أن يتوصل إليه بالمؤلفات المشهورة بنفع من اشتغل بها، المحررة أحسن تحرير، المهذبة أبلغ تهذيب. ص227

31 - فالعالم المرتاض بما جاءنا عن الشارع، الذي بعثه الله - تعالى - متمماً لمكارم الأخلاق - إذا أخذ نفسه في تعليم العباد وإرشادهم إلى الحق، وجَذْبهم عن الباطل، ودَفْعهم عن البدع، والأخذ بحجزهم عن كل مزلقة من المزالق ومدحضة من المداحض، بالأخلاق النبوية، والشمائل المصطفوية الواردة في الكتاب العزيز والسنة المطهرة، فيَسَّر ولم يعسر، وبشر ولم ينفر، وأرشد إلى ائتلاف القلوب واجتماعها، ونهى عن التفرق والاختلاف، وجعل غاية همه وأقصى رغبته جلب المصالح الدينية للعباد ودفع المفاسد عنهم - كان من أنفع دعاة المسلمين، وأنجع الحاملين لحجج رب العالمين، وانجذبت له القلوب، ومالت إليه الأنفس، وتذلل له الصعب، وتسهل عليه الوعر، وانقلب له المتعصب منصفاً، والمبتدع متسنناً، ورغب في الخير من لم يكن يرغب فيه، ومال إلى الكتاب والسنة من كان يميل عنهما، وتردى بأثواب الرواية من كان متجلبباً بالرأي، ومشى في رياض الاجتهاد واقتطف من طيب ثمراته، واستنشق من عابق رياحينه من كان معتقلاً في سجن التقليد، مكبلاً بالقيل والقال، مكتوفاً بآراء الرجال. ص231 - 232

32 - ومن جملة ما ينبغي له تصوره، ويعينه استحضاره أن يعلم أن هذه الشريعة المباركة هي ما اشتمل عليه الكتاب والسنة من الأوامر والنواهي، والترغيبات والتنفيرات، وسائر ما له مدخل في التكليف، من غير قصد إلى التعمية والألغاز، ولا إرادة لغير ما يفيده الظاهر، ويدل عليه التركيب ويفهمه أهل اللسان العربي؛ فمن زعم أن حرفاً من حروف الكتاب والسنة لا يراد به المعنى الحقيقي والمدلول الواضح فقد زعم على الله ورسوله زعماً يخالف اللفظ الذي جاءنا عنهما، فإن كان ذلك لمسوغ شرعي تتوقف عليه الصحة الشرعية أو العقلية التي يتفق العقلاء عليها، لا مجرد ما يدعيه أهل المذاهب والنحل على العقل، مطابقاً لما قد حببه إليهم التعصب، وأدناه من عقولهم البعد عن الإنصاف - فلا بأس بذلك، وإلا فدعوى التجوز مردودة مضروب بها في وجه صاحبها. ص235 - 236

33 - ومن جملة ما يستعين به على الحق، ويأمن معه من الدخول في الباطل وهو لا يشعر أن يقرر عند نفسه أن هذه الشريعة لما كانت من عند عالم الغيب والشهادة، الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ويعلم ما تكن الصدور وتخفيه الضمائر، ويحول بين المرء وقلبه - كانت المخادعة بالحيل الباطلة، والتخلص مما طلبه بالوسائل الفاسدة، من أعظم المعاصي له، وأقبح التجاري [3] عليه.

وجميع هذه الحيل التي دوَّنها أهل الرأي هي ضد لما شرعه، وعناد له، ومراوغة لأحكامه، ومجادلة باطلة لما جاء في كتابه وسنة رسوله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير