تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الشويقي: كتابات «المحمود» ارتجالية تخلو من النضج والموضوعية]

ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[22 - 03 - 08, 09:40 ص]ـ

عكاظ

اتهمه بإدمان المديح الخطابي للمدنية الغربية

[الشويقي: كتابات «المحمود» ارتجالية تخلو من النضج والموضوعية]

محمد بن علي المحمود لديه ولعٌ شديدٌ وشغفٌ لا حدَّ له بكيل المدائح الإنشائية للمفاهيم الليبرالية الغربية وما يتفرَّع عنها، كما أن لديه حساسيةً شديدةً تجاه أيِّ نقدٍ يُوجَّه لها، حتى يخيل لقارئ بعض مقالاته أنه أحد مؤسِّسي النهضة الأوروبية المنظِّرين لها، وأحد أعلامها الكبار الذين بذلوا عرقهم لإشادة بنيانها، فهو ـ بالتالي ـ يغار عليها من نسمة الهواء العابرة أن تنال من وجهها المشرق الأبيض النقيِّ. وقد كان من الممكن قبول بعض دفاعاته لو أنه انتهج الموضوعية والعلمية في كتاباته، غير أنه في سرده لمقالات المديح يصوِّر الغرب وكأنه مجتمع أفلاطوني، يتمثل تعاليم فولتير في جميع حركاته وسكناته.

بندر بن عبدالله الشويقي*

هذا التصور الساذج لتركيبة المجتمع الغربي لا يختلف عن التصور القديم الذي حكاه المحمود عن نفسه حين كان يظنُّ في يومٍ من الأيام أن علوم الفلك والطب والجغرافيا والعلاقات الدولية موجودة في شعر المتنبي والمعرِّي!

هذا الخلل لدى المحمود ونظرائه لم يفُتْ البارع إبراهيم السكران وهو يبحث (مآلات الخطاب المدني)، حين ذكر أن أصحاب ذاك الخطاب لا يملكون (“تصوراً علمياً” معنياً بقراءة وتفسير الحالة الغربية كنسيجٍ اجتماعيٍّ أو شبكةٍ معقدةٍ تمتزج فيها السياسة والمصالح والأفكار والأخلاق والتيارات. بل يقدِّمون صورة الفكر الغربي بلغة مناقبية وعبارات وجدانية هي أقرب إلى الهيام منها إلى القراءة المعرفية, فخطاب غلاة المدنية عن الغرب هو خطاب تبشيري وليس كما يزعمون من أنه خطاب تحليلي) اهـ. فلنرجع لكتابات المحمود وسنجد اللغة الخطابية المناقبية الوجدانية في وصف الفكر الغربي حاضرةً في الصدارة. فمن ذلك ـ على سبيل التمثيل لا الحصر ـ قوله في مقالة عنوانها: (ويبقى الإنسان): (لقد كانت الفلسفة بأفقها الأرحب، وتسامحها اللامحدود، وقدرتها الفائقة على الاستقبال والإرسال، وبراءتها من اليقينيات المطلقة، هي صاحبة الفضل في قيادة الفكر الأوروبي إلى الإنسان. ذلك أنها ربطت الوجود بالفكر، فارتبط الفكر بالإنسان، وبهذا أصبح الهم الإنساني لا يغيب عن الذات المفكرة). وفي مقالته (متطرفون في الزمن الليبرالي) يقول المحمود: (القيم الليبرالية - بتقدميتها التي تعانق إنسانية الإنسان - هي مستقبل الإنسان المعاصر ... الزمن المعاصر زمن ليبرالي، ولا يستطيع أي أحد أن يزورَّ عن الليبرالية - فضلاً عن أن يحاربها) اهـ.

لغة المديح الخطابية هذه التي أدمنها المحمود لن تفسح أيَّ مجالٍ لعقله كي يفكر ويميِّز الحسن من القبيح في مظاهر وحقائق المدنية الغربية. وهذا هو الفارق الأميز بين كتاباته الحادة، وبين بحث السكران المتوازن. فالأخير يكتب لينبه للأشواك المحيطة بوردة الحضارة الغربية، في حين لا يرى المحمود في المنتج الغربي سوى باقة زهور منزوعة الأشواك.

حتميات ماركس

أما حديثه عن كون الليبرالية (هي مستقبل الإنسان المعاصر)، وأنه ما من (أحدٍ يستطيع أن يزوَرَّ عنها فضلاً أن يحاربها)، فهذا الخطاب يذكرنا بحتميات ماركس التي طواها النسيان بعدما صفَّق لها طويلاً شعراء البلاط الماركسي. واليوم جاء دور شعراء البلاط الليبرالي لينظموا القصائد في الحتمية الليبرالية. لا أريد أن أقف طويلاً ههنا، لكني فقط أريد أن أرجع مع المحمود للوراء قليلاً، إلى مقالةٍ كتبها بعنوان: (الإرادة الإنسانية ... المستقبل يصنعه الإنسان). في تلك المقالة شنَّعَ المحمود على من يلغي إرادة الإنسان، ويجعلها رهينةً بالحتميات! وذكر أن من ميزات الإنسان الغربي أنه لا يستسلم للحتميات! وأعلن أنه لا يمكن أن يحصل انبعاثٌ مادام الوعي أسيراً للحتميات! بل أعلن أن الاستسلام للحتميات نفي حادٌّ للإنسان! بل هو انتقال من عالم الإنسان إلى عالم الأشياء!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير