كشفُ الحجاب عن أعادي الحجاب بقلم: زكي بن محمد مصمودي التلمساني
ـ[ابو البراء]ــــــــ[23 - 03 - 08, 01:11 م]ـ
كشفُ الحجاب عن أعادي الحجاب
بقلم: زكي بن محمد مصمودي التلمساني
أنْ يُحاربَ الحِجابُ في فرنسا أو ألمَانيا أو في غيرِهِما مِن بِلادِ الكفرِ أمْرٌ معقولٌ و لا يبعثُ لهيبَ الدهشَةِ أوغيرَها، فلِكلِّ حضارةٍ أن تحمِيَ كينونتها من شِعاراتٍ أو عادات دَخيلةٍ، لكنْ أنْ يُعادى الحِجابُ في أرضِ الإِسلامِ التِي هيَ أرضُهُ فهذا الذي يرمينا إلى وادٍ سحيقٍ منَ العَجَبِ، و يُلقينَا إلى لُجَّةِ بحرٍ من الدَهشَةِ و التساؤلِ، أَكُلُّ الأُمَمِ و الحضاراتِ تُحافِظُ و تُنافِحُ عن مُقَوِّمَاتها مَهما كان حُسْنُها أو قُبحُها إلاَّ نحنُ؟!
كانَ اللهُ معَ الحِجَاب، فقدْ تعدّدَت الجَبهات الداخلية المُعادِيةُ لَهُ، و تكاثرَ دُعاةُ التحرّرِ في الأقطارِ و الأمصارِ، ففي كل نادٍ أثرٌ لثعلبة، و تَداولُوا الأَدوارَ بينَ خُبْثِ سياسةِ داهية أو شَدِّ سوطِ زَبَانِيةِ، و مِن أشدِّها إيلاما و عارا ما كانَ في تُونس حتَّى بَكَتِ القيروانُ يومًا كانت فيه قِبْلَةً يَفِدُ إليها العلماء و الطُّلابُ من كل وادٍ و فَجٍّ، و بدأتْ بوادِرُ الخوفِ من أن يَستَحكِمُوا أَمرَهَم بَعدَ أنْ تَسلَّلُوا إلَى جزيرةِ العربِ خاصّةً إلَى السعُودِيَّة، و هِيَ عِندَهُم مِن أَهَمِّ الجَوْلاتِ الحاسمةِ .. زِدْ عليهِ أَنَّهُ غَاضَنَا مِنْ حَالِ بَعضِ أَخَواتِنا العَانياتِ المقهُوراتِ فيِ مُجتمعَاتِهِنَّ المُتغَرِّبَةِ، و حُرِمْنَ حتَّى قطعةً مِن قماشٍ يرتَدينَهَا، و ما ذنبُهُنَّ إلاَّ أنَّهُنَّ أَرَدْنَ أن يَشِبَّنَّ على طاعَةِ اللهِ و رسولهِ، و ما مَلَكْنَ إلاَّ دُموعًا يذْرِفنَها، و لو جَمعنَاهَا وَ سَقَينا بها صحراءًا كصحراءِ الجزائرِ لأَنبَتَتَ الخَيزُرانَ .. فكانَ منَ الواجبِ أن تَتَعاطَفَ الأرحامُ و تَتَآزَرَ الأقلامُ، وَ لِنَقِفَ صفًّا واحدًا لا يُرقَّعُ بالكُسالَى المَخذولينَ فَنَكشِفَ الحِجَابَ عنْ أعادي الحِجابِ لنُجلِّيهِم، و نرفع اللِّثامَ عن مُبْتَغِي الآثامِ لنفضَحَهُم، فَهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَخلَعُوا حِجَابَ المُسلِمَةِ لِيكشِفُوا عَورَتَهَا، فَوَاجِبُنَا أنْ نَكشِفَ حِجَابَهُم لينكشِفَ عَوَارَهُم .. وَ لِنرفعَ الضََّيْمَ عن أخواتِنا المُؤمِنات، فإنَّ الصَّمتَ في حَرَمِ الآلامِ عُدوان، و لِنحرِسَ الفَضيلةَ بالبراهِينِ و الحُجَج وكذا بالأرواحِ و المُهَج، و َما أحْوَجَ الغَيْرَة إلى غيرةٍ أُخرى نَصُونُ بها بيضة الغيرة الأولى.
إنَّ الإسلامَ بِحِكمتِِهِ و شُمولِيتهِ جاءَ بأُصُولِ الفضيلةِ وَ بواعِثِها المُفْضِيَةِ إِلَيْهَا، و رَفَضَ أُصُولَ الرَذِيلَةِ وَ دَوَافِعِهَا و إنْ دَقَّتْ، وَ لو كأنْ تضربَ المرأةُ رجلَها لِيُعلَمَ مَا تُخفي مِن زِينَتِها، و هُو في كلِّ ذلكَ عدلٌ و رحمةٌ بالمجتمعاتِ، و صَوْنٌ لها من التفكُكِ و الشَتاتِ.
وَ لِلِباسِ المُسلمة حَظْوَةٌ كبيرةٌ مِن التشرِيعِ، فقدْ خَصَّهُ الله في الكتابِ بآياتٍ مُحكماتٍ مِن سورتَيْ النُور و الأحزابِ، و ذلكَ أنَّ المرأةَ في الإسلامِ مُعَزَّزَةٌ مُكَرَّمَةٌ بما لم يُكرِمْ دِينٌ غيره نساءه، فالمرأةُ فيهِ نُورٌ يُضاهِي الشَّمسَ في وَضَاءَتِهَا.
أَلَمْ تَرَ أنَّ النَهارَ الأبْلَجَ يأتي بعدَهُ ليلٌ ساجٍ يستُرُهُ؟!
ألَمْ تَعلَم أنَّها بِحجابها ظاهِرُهَا العَتَمَة و المَنَعَة و بَاطِنُها النُورُ و الرِقَّةُ؟!
فكانَ من الرَّحمةِ أن تُسْدَلُ الحُجُبُ كيلا تُطمَسَ العُيونُ ..
حتَّى إنَّ بدرا من البدور و هوَ يتربَّعُ الظُلمةَ في وِحدَةٍ و صَمْتٍ في سماه جَاءَت مِنْ قِبَلِهِ شَمسٌ من الشموس تمشي عَلَى استحيَاءٍ، فغَضَّ طَرْفَهُ و نَزَلَ إلَى ظلِّ شَجَرَةِ العَفَافِ و قالَ ربِّ إنِّي لِمَا أنزلتَ إليَّ مِنْ خَيرٍ فقير.
فأينَ دُعاةُ التَحَرُّرِ مِن هذا النُّورِ الذي جَاءَ مُبيَّنًا فِي سورةِ النُّورِ؟!
¥