تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و ما جاءُوا إلَى الآن إلاَّ بأقوالٍ عارِيةٍ مِنَ الحُجَجِ أفْظعَ مِن العُرْيِ الذِي يَرُومُونَه، فلذلكَ طُمِست أَعيُنُهم عنِ النُورِ، فلاَ يَرَوْا إلاَّ الظلامَ الدامسَ في سرادِيبِهِم، و لنْ تَحلِبَ مِنَ الظلامِ نُورًا، و قدْ صدقَ و بَرَّ مَنْ قالَ عَنهُم: دُعاةُ التَحرُرِ، قد نبّأنا اللهُ منْ أخبارِكُم.

إِيْ و اللهِ، فقد جاءتْ أخبارُهم كالشَّمسِ في رَابِعَةِ النَّهَارِ في غَيرِ مَا سُورةٍ مِن القُرءانِ كالتَوبَةِ و المُنافِقِينَ، و تَشَابَهَ آخِرُهُم بأوَّلِهِم:" هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون" -4) المنافقون)، أمَا و إنَّهُم مَدفوعونَ بلا أجْرٍ، و اختاروا لأنفُسِهِم أنْ يَكُونوا يَدا آثمةً للأعداءِ، فويلٌ لها من يدٍ، و ويلٌ لنا إنْ لمْ نفْضَحْهُم و نُبالِغ فِيهِ، فإنَّهم أرادوا إنزالَ المرأةِ مِن درجات العُبوديَّة إلى دَرَكَاتِ الحَيوانِيَّة، فَبَشِّرْهُم بنزولٍ إلى دَرَكاتِ نَارٍ لَظِيَّةٍ ..

أرادُوا للمرأَةِ أنْ تكونَ متاعا يُباعُ و يُبْتَاعُ، و يُستَبْدَلُ و يُكْرَى، و يُرْمَى إذا هُوَ يَبْلَى، وَ يُقْبَرُ فَلا يُبْكَى ..

أرادُوهَا زوجةً بلا صَدَاق، سَبِيَّةً بِلا عَتاق، مُعلَّقَةً بلا إِحسانٍ و لاَ طَلاَق ..

فَسَعَوْا بِكُلِّ مَا مَلَكُوا مِنْ مُقَوِّمَاتِ الشرِّ لِينزِعُوهَا مِنْ حِمَى الخِدْرِ بَعْدَ أنْ أَحْكَمُوا علَى العُقُولِ بِسُمِّ التَخديرِ، مُجْلِبِينَ بِخيلهم و أَرجُلِهم و أَصوَاتِهِم ليقولوا كلمةً سواء بينَهم: " نُريدُ امرأةً بلا حِجاب، مُتَنَكِرَّةً لِهَدْيِ الكِتابِ"، وَ لَوْ أغَمَضَ أَحَدُهُم عَيْنَيْهِ و رَمَى يَدَهُ فلا بُدَّ أنْ تَرجِعَ إِليه بامرأةٍ يلهُو بِها و يَلعَبُ.

ففي جدِّهِم يَقولون نُريدُ تَحريرَ المرأةِ و ما أردنا إلاَّ خيرًا وَ إِصلاحًا ..

فبِاللهِ عليكُم مَتَى عَلِمتُم أنَّ إِبليسَ يَأمُرُ بالمَعرُوف و ينهى عن المنكر؟!

ألَمْ يَعلموا أنَّ التَحَرُرَ الحَقَّ هُو الذي جاءَتْ بِهِ الشريعةُ التِّي حَرَّرَت الإنسانَ مِنْ دَاعيَةِ هواه و أخرجَتهُ مِنْ ضِيقِ أَغْلالِ التَحرُرِ البَهيمِي إلى سَعَةِ العُبودية البشرية؟ .. غَيْرَ أنَّ العُقلاءَ أَدرَكوا مَا وَراءَ الأَكَمَةِ مِنْ إِشاعةِ الوَهَنِ و إثارةِ الفِتَنِ، فدُعاةُ التَّحَرُرِ المَوْهُومِ عرفُوا مَواقِعَ النُّفُوسِ و مَداخِلَها، و ابتَزُوا الضَّمَائِرَ بالشَهَوَاتِ الحِسِيَّةِ و المَعْنَوِيَّةِ، وَ فَتَحُوا أَبوابَ الشَرِّ بِتيسيرِ سُبُلِ الرذيلةِ، و قُطْبُ مِحورِهم عَقلُ المرأةِ التِّي هِيَ مِن أنْكَى أَسْلِحَتِهِم، وَ مِنْ سُوءِ حَظِّنا أنَّ الغَوَاني يَغُرُهُنَّ الثَنَاءُ، فَبِذلكَ نَالُوا نَصيبا أوفرَ مِن مُبتغاهُم في زمنٍ أقصر.

وَ عِنايتُهُم بالمرأةِ جاءتْ بعدَ أنْ فَشِلُوا في هَدِّ تَماسُكِ المُجتمعِ الإِسلامِيِّ بِوَأْدِ هِمَمِ الرِجالِ، فَعَلِموا أنَّهُم أمَامَ جَيشٍ آخرَ قائمٍ بذاتهِ، وَ الأدْهَى أنَّهُ مَنْبَتَةٌ وَ مَزْرَعَةٌ لِجُيُوش أُخرَى، فكُلُّ شِبْل أو لَبُؤَةٍ في الإسلامِ هُوَ خِرِّيجُ رَحِمِ امرأةٍ مُسلِمَةٍ قابِضَةٍِ على دِينِهَا، فانتَقَلَت الحَربُ مِنَ الخَارجِ إلىَ مَا وَراءَ الجُدُرِ، وَ تَبعُوا سِياسَةَ الأَرضِ المَحرُوقَةِ، التِّي تَعْنِي إنْ أَرَدْتَ استعبَادَ شَعْبٍ فَعَليكَ بِحَرْقِ الأرض التي يَقتاتُ مِنها لِتَجويعِهِ وَ مِنْ ثَمَّ استعبادِهِ، فَهُم اليَومَ يَعكِفُونَ عَلى حَرْقِ أَرْضِنَا وَ حَرثِنَا – أيْ النساء لقوله تعالى: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ .. } - حتَّى لا نجدَ ما نتقوَّى بِهِ عليهِم، فإنْ زَرَعنا فلا يُنْبُتْ و إنْ نَبَتَ فَنَبْتٌ لا يُسمِنُ و لا يُغْني من جوعٍ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير