تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موت التقي العالم!]

ـ[أبو رفيدة]ــــــــ[24 - 03 - 08, 08:25 ص]ـ

[موت التقي العالم!]

يسري صابر فنجر

لقد فقدنا في أقل من عشر سنوات جمّاً غفيراً من علمائنا وأئمتنا لم نستطع أن نملأ الفراغ الذي تركوه إلى الآن ... ووقف الإنسان منبهراً متعجباً أمام هذا الجمع الهائل من الثناء والتقدير عليهم الذي يفوح منه الحزن، ولا شك أن المصاب جلل نسأل الله أن يأجرنا في مصيبتنا ويخلفنا خيراً منها ويرحم الله علماءنا ويشملهم بعفوه وكرمه وغفرانه .. إلا أننا

نحتاج إلى المثل الحي الفاعل والسلوك الملموس والتفاعل مع الواقع المر الذي تعيشه أمتنا الآن

نحتاج إلى الشخصية المسلمة المتميزة التي لا تعرف الوهن ولا اليأس؛ فضلاً عن اعتزازها بإسلامها وكيانها وصلتها بسلفها الكرام رضي الله عنهم {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115].

نحتاج أن يتربى المسلم صغيراً أو كبيراً ذكراً أم أنثى على حب العلم والعلماء وحب الدرس والمدارسة مع الزهد والورع ..

انظر إلى هذا الجمع من المقالات والأبيات والبرامج الذي يُعَد تسطيراً لواقع ملموس عاشوا عليه ولمسه الصغير والكبير من طلابهم والبعيد والقريب ممن استمع إليهم، وقد كان لنا في هذا الجمع سلف فإذا نظرنا في ترجمة أي إمام من الأئمة في كتب التراث وجدت أقوال العلماء عنه وما كان عليه ومنهم مَن صنف في ترجمة أئمة بعينهم، ولقد صنف الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي كتابه "الرد الوافر" وذكر فيه أسماء مَن شهد لابن تيمية من الأعلام بإمامته ولقبه شيخ الإسلام ورتبهم على حروف المعجم فبلغ عددهم سبعة وثمانين عالماً من الذين عاصروا ابن تيمية أو جاؤوا بعده وقال آخره: "وقد تركنا جمَّاً غفيراً وأناسي كثيراً ممن نص على إمامته وما كان عليه في زهده وورعه وديانته".

ولا شك أن الوقوف على هذا الكم من المقالات والتصنيفات يشير إلى أن الأمة ما زالت بخير؛ حيث اتفقت ألسنتهم بعبارات الحزن على فقد الخير نبعت من إحساس صادق وواقع ملموس فضلاً عن الأسلوب الراقي والعبارات العالية والألفاظ البليغة؛ ناهيك عن الشعر الذي نضعه في وجوه أهل الحداثة والشعر الحر فإلى الأقسام الأدبية في جامعاتنا العريقة ليقفوا أمام دراسة مستفيضة ومتنوعة حول موضوع واحد في فترة زمنية محدودة في هذا الجيل المعاصر ننفي به الاتجاه الكلي نحو العامية واللغات الدارجة التي غلبت على وسائل إعلامنا نبث فيها الدعوة للاتجاه للغتنا العربية منهجاً وسلوكاً مع الضبط والإتقان.

وهؤلاء فعلاً كتبوا وأتقنوا وهناك من ورائهم مَن هَم بالكتابة ولم ينفذ، وأيضاً هناك مَن لو كان باستطاعته لكتب ألا تنبأ هذه الإشارات كلها بأن الخير ما زال في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولن يزال كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

فسحقاً لما يريده أعداء الدين يريدون نفسية مهزومة وهدم الشخصية المسلمة العزيزة وإبدالها شخصية لا هوية لها تحت شعارات براقة حرية أو عقلانية أو حقوق أو كرامة! إنه تزيين الشيطان وأذنابه لباطلهم الخبيث {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: 25] {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: 8] {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 14].

والذكرى الحسنة لا تأتي من فراغ أو غثاء لذلك كان النداء من السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيوضع له القبول في الأرض.

وليس الموت انقطاع النفس ... ولكن الميت مَن يحيى بلا أثر

ليس مَنْ ماتَ فاستراح بَميْتٍ ... إنّما الميْتُ ميّتُ الأحياءِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير