والتعاون على إحياء البدع وإقامتها: ومن ذلك المشاركة في مجالس الذكر المبتدعة والإنفاق عليها والدعوة إليها والتشجيع على غشيانها وفتح مجالات البدع المختلفة مثل الأعياد والاحتفالات البدعية، والحضرات والأوراد الشركية، ولا يفعل هذا إلا أعداء السنة والجهلة بها وما أُحييت بدعة إلا وأميتت سنة.
والتعاون على ما يخالف التوحيد: وهذا له ضروب كثيرة ومن أمثلته المعاونة في بناء المساجد والأضرحة والقباب على القبور والصلاة فيها والارتحال إليها، والذبح والنذر لها، والطواف حولها، وجعل السّدنة الذين يأخذون النذور والقرابين وجمع التبرعات لصيانتها وترميمها.
وفي رفض التعاون على الإثم والعدوان: يقول العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ: «وهو أن الإنسان مدني بالطبع، لا بد له أن يعيش مع الناس، والناس لهم إرادات وتصورات، واعتقادات، فيطلبون منه أن يوافقهم عليها، فإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه، وإن وافقهم حصل له الأذى والعذاب من وجه آخر، فلا بد له من الناس ومخالطتهم، ولا ينفك عن موافقتهم أو مخالفتهم. وفى الموافقة ألم وعذاب، إذا كانت على باطل، وفى المخالفة ألم وعذاب، إذا لم يوافق أهواءهم واعتقاداتهم، وإراداتهم ولا ريب أن ألم المخالفة لهم في باطلهم أسهل من الألم المترتب على موافقتهم.
واعتبر هذا بمن يطلبون منه الموافقة على ظلم أو فاحشة أو شهادة زور، أو المعاونة على محرم. فإن لم يوافقهم آذوه وظلموه وعادوه، ولكن له العاقبة والنصرة عليهم إن صبر واتقى، وإن وافقهم فرارًا من ألم المخالفة أعقبه ذلك من الألم أعظم مما فر منه، والغالب أنهم يسلطون عليه، فيناله من الألم منهم أضعاف ما ناله من اللذة أولاً بموافقتهم.
فمعرفة هذا ومراعاته من أنفع ما للعبد، فألم يسير يعقب لذة عظيمة دائمة أولى بالاحتمال من لذة يسيرة تعقب ألمًا عظيمًا دائمًا، والتوفيق بيد الله» أهـ (24).
وقال الإمام أحمد- رحمه الله- في رسالة «الصلاة» ما نصه: «إن الشيطان يريد أن تسكتوا عن الكلام فيما أمركم الله به، وأن تدعوا التعاون على البر والتقوى الذي أوصاكم الله به، والنصيحة التي على بعضكم لبعض، لتكونوا مأثومين مأزورين، وأن يضمحل الدين ويذهب، وأن لا تحيوا سنة ولا تميتوا بدعة، فأطيعوا الله بما أمركم به من التناصح والتعاون على البر والتقوى، ولا تطيعوا الشيطان؛ فإن الشيطان لكم عدو مبين، بذلك أخبركم الله عز وجل فقال تعالى: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [ فاطر:6]،وقال تعالى: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF يَابَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [ الأعراف: 27]» (25).
الهوامش
1
- متفق عليه: أخرجه الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ ح (5761)، والإمام مسلم ـ رحمه الله ـ ح (4021).
2 - صحيح: صححه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في «سنن أبي داود» ح (4817).
3 - صحيح: صححه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في «صحيح الترغيب والترهيب» ح (2970).
4 - صحيح: صححه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في «صحيح الجامع» ح (4556).
5 - (فتح الباري) (17/ 447).
6 - متفق عليه: أخرجه الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ ح (5563)، والإمام مسلم ـ رحمه الله ـ ح (1676).
7 - (شعب الإيمان 6/ 107).
8 - (فتح الباري) (17/ 447).
9 - رواه الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في «صحيحه» ح (2263).
10 - (فتح الباري) (7/ 348 ـ 351 بتصرف).
11 - رواه الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في «صحيحه» ح (2306).
12 - (فتح الباري) (7/ 425 بتصرف).
13 - رواه الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في «صحيحه» ح (2811).
14 - (الاستقامة 2/ 256).
15 - (إعلام الموقعين عن رب العالمين) (3/ 320).
16 - (إعلام الموقعين عن رب العالمين) (3/ 304).
17 - قلت: هذا مع اليقين بالفعل لذا قال ـ رحمه الله ـ «لمن يفعل» أي أن المنع مبني على اليقين أما على الظن أو الاحتمال في لازم فاسد.
18 - (إعلام الموقعين عن رب العالمين) (3/ 370).
19 - (مجموع فتاوى ابن تيمية) (7/ 339).
22 - في «مجموع الفتاوى» (9/ 211).
23 - (إعلام الموقعين عن رب العالمين) (5/ 63).
24 - (إغاثة اللهفان 2/ 193).
25 - نقلاً عن (القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر - لعبدالعزيز بن عبدالله الراجحي) ص19.
ـ[أبو عبيد السلفي]ــــــــ[25 - 03 - 08, 11:23 ص]ـ
بارك الله في جهودك