تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلك أن تتأملي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطيل صلاته بالليل ويناجي ربه ويدعوه لأنه يستعين بهذا الورد الليلي في القيام بأعباء الدعوة وأمور الأمة. فقد حكوا عن صلاته العجيبة المطمئنة حكاها الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه إذ قال: ((صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى! فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً. إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى قريباً من قيامه)) رواه مسلم 1/ 536.

والله لو طبقنا هذا الهدي في قيامنا لنلنا فوق ما نتمنى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نال ما نتلمس أثره حتى نحن وإلى الآن، ففي الجنان هو، ودعوته تصدح حتى الآن، ورسالة محفوظة إلى يوم القيامة.

والله لو استشعرنا هذه السنة العظيمة لما فرطنا فيها ليلة واحده!

فشأن قيام الليل شأن لا يمكن وصفه، فهو كالزاد لمن تريد أن تحقق ما تريد من أمور دنيوية أو أخروية .. فمناجاة الله وحدها لذة لا يستشعرها إلا من علق قلبه بالله تعالى .. ومن قام الليل كان في وجهه نورا وفي روحه رضا واطمئنان غير الشرف الرفعة التي ينالها من يقوم الليل .. فلنعقد العزم من هذا الوقت أن يكون لنا نصيب من قيام الليل، حتى ننال أكثر من نتمنى نواله ..

وبعد هذا الجانب من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ننظر إلى حاله مع الذكر فإن الإمام القدوة صلى الله عليه وسلم كان وقته عامراً بالطاعة والعبادة.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه)) رواه مسلم.

وهذا دليل أن على المسلم أن يكون لسانه رطباً بذكر الله ..

فلا ينبغي أن تشغلنا هذه الدنيا عن ذكر الله، وهل هناك أخف من أن نذكر الله تعالى على كل حال فإن ابن عباس رضي الله عنهما يذكر وجها مشرقاً آخراً من حياة رسول الأمة صلى الله عليه وسلم فيقول:

.. ((كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم "

.. وأما أبو هريرة رضي الله عنه فإنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" .. وتقول أم سلمة رضي الله عنها عن أكثر دعاء الرسول إذا كان عندها:

" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " الترمذي.

فكل هذه الأحاديث التي رواها الصحابة الذين تعلقت قلوبهم بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتلمس منها أثراً عظيما ..

وهذا الأثر هو أن إمامنا وقائدنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم يجعل من العبادة زاداً يقضي بها حاجته في الدنيا والآخرة .. ونحن نرى أثر هذا الزاد في نجاح دعوته المحفوظة إلى يوم القيامة وما منّ الله عليه من فتوحات عامره، وانتشار منقطع النظير لهذا الدين العظيم.

فلا بد أن نشعر أنفسنا أننا بحاجة ماسة إلى عبادة الله.

وأننا لن نجد طريقاً مسدوداً يفتح إلا بالإستعانة بالله عن طريق عبادته.وأن نؤدي العبادة كما أمرنا الله أن نؤديها، لأنها هي الزاد التي سنصل بها إلى مبتغانا من رضا الله والفوز بالجنة ..

فحفظ دين الله بالإستمرار على عبادته والمداومة على ذلك حفظ لأنفسنا، لأن في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك بالوصية العظيمة إذ قال: " احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ……… "

فما أعظم تلك الوصية لو أحاطت بحياتنا ..

حتى هنا فإن الوصية الأخيرة التي أتمنى من أعماق قلبي أن تجد لها قبولاً في قلوبكم الطيبة .. أتمنى أن نكون فعلا قد قررنا أن ننبذ كل قدوة لا تعين على الخير بل نتجه لأعظم قدوة وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رسم لنا منهاج الحياة وقدمها لنا بنتائج مضمونة، من فوز وفلاح ورفعة وشرف ..

فهل من مشمر قبل أن يقوم من هذا المجلس .. أتمنى فعلا أن نكون كلنا كذلك ..

وسيكون حديثنا بإذن المولى عز وجل حديث يطوف بنا داخل بيت النبوة وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، وننهل من معين السنن الرائعة، والتي إن أحاطت حياتنا فستحيطها بحفظ ورضا وسعادة لا منتهى لها ..

سيكون هذا الحديث بتوفيق الله تعالى الأحد ما بعد الإجازة إن كتب الله لنا عمراً جديداً ..

اللهم تقبل هذا المجلس المبارك الذي ذكرنا فيه أحب الخلق إليك الذي اثنيت عليه في كتابك الكريم بخلقه العظيم، اللهم وأجعل كل من جلست في هذا المجلس من المتبعين لسنة نبيك والداعين لها، وجعل أقوى زاد نتزود به جميعاً لقضاء حوائج الدنيا والآخرة هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم ..

اللهم أنت المعين وأنت الميسر فإن التيسير من عندك وأنت الموفق فإن التوفيق من عندك فيسر لنا واهدنا لما تحبه وترضى وصل اللهم وسلم على محمد وعلى آل وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين وأتباعه إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بالإستفادة الجمة من هذا الرابط:

http://www.saaid.net/mohamed/218.htm (http://www.saaid.net/mohamed/218.htm)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير