[يا طالب العلم: غالط نفسك فيما هو خلاف الحقيقة حتى يتم عيشك وتهنأ به]
ـ[مستور مختاري]ــــــــ[10 - 04 - 08, 04:45 ص]ـ
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله:
و إذا تعبت الرواحل نهض الحادي يغنيها، و أخذ الراحة للجد جد، و غوص السابح في طلب الدر صعود. و دوام السير يحسر الإبل، و المفازة صعبة.
و من أراد أن يرى التلطف بالنفس، فلينظر في سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم، فإنه كان يتلطف بنفسه، و يمازح، و يخالط النساء، و يقبل و يمص اللسان، و يختار المستحسنات، و يستعذب له الماء و يختار الماء البارد، و الوفق من المطاعم، كلحم الظهر و الذراع و الحلوى، و هذا كله رفق بالناقة في طريق السير.
فأما من جرد عليها السيوط فإنه يوشك ألا يقطع الطريق.
و قد قال صلى الله عليه و سلم: إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، فإن المنبت لا أرضاً قطع، و لا ظهراً ابقى.
و اعلم أنه ينبغي للعاقل أنيغالط نفسه فيما يكشف العقل عن عوراه، فإن فكر المتيقظ قبل مباشرة المرأة إلى أنها اعتناق بجسد يحتوي على قذارة، و قبل بلع اللقمة إلى أنها متقلبة في الريق، و لو أخرجها الإنسان لفظها.
و لو فكرت في قرب الموت و ما يجري عليه بعده، لبغض عاجل لذته.
فلا بد من مغالطة تجري لينتفع الإنسان بعيشة كما قال لبيد:
فأكذب النفس إذا حدثتها إن صدق النفس يزري بالأمل
و قال البستي:
أفد طبعك المكدود بالهم راحة تجم و علله بشيء من المزح
و لكن إذا أعطيته ذاك فليكن بمقدار ما يعطى الطعام من الملح
و قال أبو علي بن الشبل:
و إذا هممت فناج نفسك بالمنى و عداً، فخيرات الجنان عدات
و اجعل رجاءك دون بأسك جنة حتى تزول بهمك الأوقات
و اسر عن الجلساء بثك، إنما جلساؤك الحساد و الشمات
و دع التوقع للحوادث إنه للحى ـ من قبل الممات ـ ممات
فالهم ليس له ثبات مثل ما في أهله ما للسرور ثبات
لولا مغالطة النفوس عقولها لم تصف للمتيقظين حياة
و قال أيضاً:
بحفظ الجسم تبقى النفس فيه بقاء النار تحفظ بالوعاء
فباليأس الممض فلا تمتها و لا تمدد لها طول الرجاء
و عدها في شدائدها رخاء و ذكرها الشدائد في الرخاء
يعد صلاحها هذا و هذا و بالتركيب منفعة الدواء
و قد كان عموم السلف يخضبون الشيب لئلا يرى الإنسان منهم ما يكره.
و إن كان الخضاب لا يعدم النفس علمها بذلك. و لكنه نوع مخادعة للنفس.
و ما زالت النفوس ترى الظاهر. و إنما الفكر و العقل مع الغائب. و لا بد من مغالطة تجري ليتم العيش.
و لو عمل العامل بمقتضى قصر الأمل، ما كتب العلم و لا صنف.
فافهم هذا الفصل مع الذي تقدمه، فإن الأول في مقام العزيمة، و هذا في مكان الرخصة.
و لا بد للتعب من راحة و إعانة، و الله عز وجل معك على قدر صدق الطلب، و قوة اللجأ، و خلع الحول و القوة، و هو الموفق.
ـ[محمد بن أبي عامر]ــــــــ[10 - 04 - 08, 03:08 م]ـ
شكر الله لك
ـ[أبو الريان]ــــــــ[11 - 04 - 08, 01:27 ص]ـ
أسأل الله أن يعلمك ما جهلت .. وأن يثبت ماحفظت .. وأن يذكرك ما نسيت ..
.. على هذه الإفادة ..