ولئن أسهبنا في هذا التحقيق اللغوي لكلمة " الخمر " التي شاعت ترجمتها إلى اللغة الفرنسية بكلمة، "
VIN"، فلكي نوضح أن دلالة اللفظ العربي الخمر أوسع بكثير من دلالة مقابله الفرنسي VIN
الذي يعني حسب معجم بول روبير: (المشروب المستوغل الحاصل من اختمار العنب ".
فمن شأن هذا التحقيق لكلمة " الخمر" أن يساعد على استجلاء معناها الفقهي وفهم مقصود المشرع بوضوح.
ب - المدلول الفقهي:
ماذا يقصد الإسلام بلفظ "الخمر"؟
الجواب هل هذا السؤال نجده ضمنيا في الحديث النبوي الذي أسنده أبو داود في السنة وأحمد بن حنبل في مسنده إلى ابن عمر: " كل مسكر خمر وكل خمر حرام ".
وفي الحديث الذي أجاب به النبي - صلى الله عليه وسلم - سائله عن التبغ (الخمر المتخذة من العسل) بقوله: " كل شراب أسكر فهو حرام".
وفي حديث آخر نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر.
واعتنت أحاديث غيرها بتعيين مفهوم " الخمر":
- مثل "الخمر من، الشجرتين: النخلة والعنبة" رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن الأربعة.
- ومثل إن الخمر من العصير والزبيب والتمر والحنطة والشعير والذرة. وإني أنهاكم عن كل مسكر ". (وهو من حديث النعمان بن بشير).
وأوضح عمر بن الخطاب في إحدى خطبه أنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل والخمر ما خامر العقل.
وحدد مفهوم الخمر بقوله: " كل ما خامر العقل ".
وروى عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن الجعة (حسب، ما رواه أبو داود والنسائي). والخلاصة، يمكن القول أن الخمر هي كل ما أسكر بغض النظر عن أصلها فقد تكون متخذة من الفواكه (كالعنب والزبيب والتمر والتين) وقد تتخذ من الحبوب (كالبر والقمح والشعير والذرة) أو من السوائل مثل الأشربة والإفرازات (كالعسل).
وجاء في تفسير ابن كثير: " قال الإمام أحمد " حدثنا وكيع حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبي طعمة مولاهم وعن عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ا" لعنت الخمر على عشرة وجوه لعنت الخمر بعينها وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها " رواه أبو داود وابن ماجه.
ا- المشروبات المستغولة والمشروبات الغولية:
هي مشروبات تشتمل على الغول. وفي رأي البعض ينبغي تخصيص مصطلح " المشروبات المستغولة " للدلالة على المشروبات التي تحتوي بطبيعتها الغول (مثل خمر العنب LeVin ".
وتنقسم المشروبات المستغولة باعتبار طريقة إنتاجها إلى فئتين: المشروبات المختمرة وارز وبات المقطرة.
وتتخذ بعض المشروبات من مزيج الفئتين:
ا- المشروبادت المختمرة:
- خمر العنب.
- خمر التفاح (تتخذ من عصير التفاح وحده أو ممزوجا بعصير الكمثرى).
- الجعة (من الشعير).
2 - المشروبات الروحية:
- الخمور الشرابية (بورطو، مادير، بينودي شارانط).
- الخمور الحلوة الطبيعية (الباريل والمسكي).
- المشهيات المصنوعة من الخمر (الفرموت وخمور الكنكينا والمارتيني وسانزانو).
- المشهيات المصنوعة من الحبوب: الوسكي والجن والفودكا.
- مياه الحياة الأخرى:
مياه الحياة المسماة " الرقيقة": الكونياك والأرمانياك.
الروم (يتخذ من قصب السكر).
مياه الحياة المتخذة من خمر التفاح (كالفادوس).
مياه الحياة الفوا كهية: كيرش، كيطش، ميرابيل الخ ...
- الأشربة:
وفي كل يوم تزداد طولا قائمة المنتجات التي يمكن أن يشملها اسم "الخمر وتتكون لدينا فكرة عن كثرة أصنافها إذا حاولنا تصنيفها ولو بكيفية إجمالية. ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - " ليشربن أناس من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها " (رواه أبو موسى الأشعري حسب قول أحمد وأبي داود).
3 - الغولية:
من الوجهة الطبية بمكن أن يقصد بهذا المصطلح معنيان متباينان:
- الأول جملة البوادر المرتبطة باستهلاك مفرط للمشروبات المستغولة: وهي المتلازمة الغولية (وتشتمل على نوعين من الغولية: الغولية الحادة والغولية المزمنة).
- الثاني هو السلوك. الخاص لبعض المدمنين الذي يتميز بالإفراط في تناول المشروبات المستغولة وبالكيفية التي يتم بها إسرافهم فهيا: وهو ما يسمى بالسلوك الغولي. وبشملهما معا المرض الغولى.
¥