تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فلسطين في المشروع الإيراني]

ـ[محمد المبارك]ــــــــ[30 - 05 - 08, 03:07 م]ـ

[فلسطين في المشروع الإيراني]

صباح الموسوي

مركز دراسات النهضة الأحوازية للثقافة والإعلام

19 ربيع الأول 1429هـ الموافق له 26 - 3 - 2008م

لم تكن الثورة الإيرانية - أو كما اصطلح عليها فيما بعد بالإسلامية - التي أسقطت نظام البهلوي الشاهنشاهي قبل ثلاثين عاماً مجرد حدث داخلي، أو انقلاب شبيه بتلك الانقلابات التي شهدتها إيران مراراً خلال المرحلة التي أعقبت تأسيس أولى كياناتها السياسية المستقلة عقب انفصالها عن الإمبراطورية الإسلامية في القرن التاسع الهجري على يد إسماعيل الصفوي، لقد شكلت هذه الثورة حدثاً فريداً من نوعه فيما يخص شكل نظامها وشعاراته التي تركزت على معاداة الشرق والغرب، و"تصدير الثورة " وهو الشعار الذي جعله نظام الثورة على رأس أولوياته فيما يتعلق بعلاقاته مع البلدان العربية خاصة، والإسلامية عامة.

ومن بين الشعارات الأخاذة الأخرى لنظام الثورة كان شعار "اليوم إيران، وغداً فلسطين" وهو ما جعل الكثير من المراقبين يعتقد - منذ الوهلة الأولى - أن هذا الشعار قد لا يعدو كونه شعاراً استهلاكياً شأنه شأن شعار (لا شرقية ولا غربية) وغيره من الشعارات الأخرى التي كانت تمثل المحرك الأساس لعواطف الجموع الغفيرة من الجماهير الفرحة بسقوط عرش البهلوي، والمتطلعة لبناء غد أفضل تسوده العدالة، والمساواة، والحرية الخلاّقة.

وإذا كان هذا هو تطلع الشارع الإيراني المتنوع الأعراق والمذاهب؛ فإن الشارع العربي أيضاً لم يكن هو الآخر بأقل حماسة من نظيره الإيراني بشأن تعاطفه مع هذه الثورية وشعاراتها التي توسموا فيها خيراً، فقد كان الشارع العربي فرحاً لسقوط أكبر حليف للكيان الإسرائيلي في المنطقة، وثاني أهم عدو للعرب.

والأمر الآخر أن شعارات الموت لـ"إسرائيل" و الموت لـ"أمريكا" التي كانت تدبج خطابات قادة الثورة الإيرانية قد أعادت إلى أذهان الجماهير العربية التي كانت قد أصيبت بعد اتفاقية كامب ديفيد بفقدان الثقة بما حولها من أنظمة وحكام؛ حماسة الأيام التي عاشتها على نغمة الخطابات الثورية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وذكرى موقف التحدي العربي الجريء الذي تمثل في قرار الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود بوقف تصدير النفط للولايات المتحدة الأمريكية، وذكرى صور معارك حرب العبور، وصور البطولة التي جسدها الفدائيون الفلسطينيون في معركة الكرامة، وفي الجملة فإن الشارع العربي كان بحاجة ماسة إلى سماع أي خطاب أو مشاهدة أي حدث يمكن أن يعطيه بارقة أمل جديدة، ويعيد له الثقة التي كان قد فقدها بمن حوله.

وقد جاءت شعارات نظام الثورة الإيرانية لتلفت انتباهه، وتجعله يستمع لها بتفاؤل كبير، متجاوزاً كل الخلافات المذهبية والقومية، ومتناسياً كل المواقف العدائية التي وقفتها إيران ضد العرب، والتي تمثل جانب منها باحتلالها لإقليم الأحواز والجزر الإماراتية الثلاثة، وأراض عربية أخرى، وفوق ذاك كله مناصرتها العلنية للكيان الإسرائيلي، ولم يكن هذا التعاطف العربي مع الثورة الإيرانية محصوراً بالعامة، بل غلب أيضاً على عواطف وعقول عدد من القادة العرب لحد وقوف بعضهم مع إيران في حربها الظالمة ضد العراق، ومدها بصواريخ بعيدة المدى لضرب بغداد أملاً في تحقيق الحلم الذي هيجته الشعارات الإيرانية في أذهانهم، واستولت به على شعورهم ومشاعرهم العربية النقية.

بعد مضي ثلاثين عاماً على انتصار الثورة الإيرانية، وتأسيس نظامها الفريد من نوعه من جهة خلط مفهوم الجمهورية بالإسلامية، وتسليم زمام شؤونها العامة والخاصة بيد حاكم مطلق يسمى الولي الفقيه؛ بات يتعذر على الكثير ممن آمنوا أو كانوا قد تفاءلوا بشعارات الثورة ونظامها تفسير المواقف الإيرانية التي تثير الحيرة بالنسبة لهم، فشعار "تحرير طريق كربلاء" الذي لم يستطع قادة النظام الإيراني تحقيقه خلال ثماني سنوات من حربهم العدوانية على العراق، فقد تحقق لهم بوقوفهم مع جيوش الغزو الغربية لهذا البلد العربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن ليس من أجل الوصول إلى القدس كما كانوا يزعمون حينها، بل من أجل تفريغ بغداد من العرب السنة، وحرق مساجدهم، وتقليل نسبة عددهم ليكونوا أقلية تحكمهم أكثرية عمل قادتها السياسيون، ومراجعها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير