ـ[صهيب عبدالجبار]ــــــــ[31 - 05 - 08, 09:53 ص]ـ
إن مشكلة التشيع في فلسطين لها أسباب كثيرة , ولكن هناك سببان جوهريان لهذه المشكلة ,
أما الأول: فهو ضعف معرفة الناس بأمور دينهم , فأغلب الناس في فلسطين لا يعرفون شيئا عن آل البيت وعن علاقتهم بالخلفاء الراشدين , وعن الصحابة بشكل عام.
نعم هناك كثير من المساجد بأسماء الصحابة , لكن رواد هذه المساجد لا يعرفون في الغالب عن هؤلاء الصحابة إلا أسماءهم , فضلا عمن لا يدخلون المساجد أصلا , وهم ثلاثة أو أربعة أضعاف المصلين.
وبناء عليه , إذا سمعوا شيعيا (مثلا) يقول: إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " إن عائشة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رأس الشيطان , ومن بيتها تخرج الفتن " لا يستطيع أكثر الناس أن يقول له شيئا , ويتفاجئون من ذلك , ويدخلون في صراع نفسي بين ما يُكِنُّونه في نفوسهم لهذه المرأة من الحب والتعظيم , وبين ما يسمعونه من هذا الرجل الذي يضرب بسيف الإنتصارات التي حققها حزب الله.
هذه الضربة لا تكون عادة هي القاضية , لكنه يظل يلقي عليهم من الشبهات , الواحدة تلو الأخرى , حتى يقول له الضحية: أشعر أنني على وشك السقوط في الهاوية , فيقول له الشيطان: لا , بل أنت على وشك الارتقاء والصعود!!
أما السبب الثاني: فهو عدم معرفة الغالبية الساحقة لأبناء فلسطين شيئا عن حقيقة الشيعة والتشيع , فهم لا يرونهم إلا في مواسم الحج والعمرة , وعندما ينظرون إلى الشيعة وهم يبكون أمام قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وغيره من القبور , فإنهم يعودون إلينا يقولون: يا أخي والله الشيعة أفضل منا , وأكثر خشوعا في الصلاة , ونساؤهم ما شاء الله محجبات بالكامل , ورجالهم بالعمائم والقمص .. إلخ
وإذا نظر الناس إلى وسائل الإعلام (خصوصا المنار) لم يجدوا شيئا يخالف القرآن والسنة (إن علموا أصلا بما يخالف القرآن والسنة) بالإضافة إلى ما ذكرتَه من ادعاء الشيعة نصرة أهل فلسطين ومحبتهم ,
وبمجموع هذين العاملين أصبح الطريق ممهدا لنشر التشيع في فلسطين.
رَدَّة فعل العامة عندما يُوَاجَهُون بحقيقة الشيعة:
قسم منهم يريد الحق ويبحث عنه - وهم القلة النادرة - فعندما يسمع ويقرأ ويشاهد حقيقة الشيعة ينصرف عنهم إلى غير رجعة.
وقسم منهم يتهمنا بالخيانة والعمالة لأمريكا وإسرائيل , مدعيا أننا نشوه صورة (المقاومة) ونعين الإحتلال.
أما القسم الأكبر من الناس , فإنهم لا يريدون أن يفهموا الحقيقة المُرَّة , وهي أن الشيعة ليسوا على شيء , والسبب في ذلك أن الناس سئموا من ذل الإحتلال , ويريدون الخلاص من ربقته بأي ثمن , ورأوا أن الكثير ممن حولهم قد تخلى عنهم , والشيعة هم الوحيدون (إعلاميا) من يدعي الوقوف بصفهم ,
هؤلاء عندما يُجَابَهُون بالحقيقة يقولون: يا أخي مهما كان الشيعة بِضَلُّو أرحم من اليهود!!
ويقولون: عدو عدوي صديقي , وهذه مقولة مغلوطة , لكن أغلب الناس لا يقرأون التاريخ , ولو قرأوه لعلموا أن الدولة العثمانية - على كل عللها - كانت أرحم من سايكس بيكو , ومن الاستعمار الذي فتَّتَ الأمة ,
ولماذا نذهب بعيدا؟ , هؤلاء الذين أعانوا أمريكا على احتلال العراق , واستقبلوا الدبابات بالزهور والورود في ساحة الفردوس , هم اليوم الذين يلعنون الاحتلال ويتمنون أنه ما حدث الذي حدث.
كلنا قرأ وسمع وشاهد ما حدث بين إسرائيل وحزب الله عام 2006 , هل يشك بعد هذا أحد أن اليهود يكرهون الشيعة؟ ,
فلماذا إذن تسمح إسرئيل للشيعة أن ينشروا مذهبهم وعقيدتهم في كل أرجاء فلسطين دون أن يتعرضوا لهم بالاعتقال وغيره كما يفعلون مع بقية الأحزاب التي تقاوم الإحتلال؟
الشيعة في بلادنا لا يتعرض لهم اليهود مطلقا , بل ويسهلون لهم أسباب العيش بمنحهم التصاريح اللازمة لعبور الحواجز , أما محمد شحادة فهو رجل عسكري وليس رجل تنظير وتبشير.
كلمة أخيرة:
إن موقفنا - أمة الإسلام - يختلف كثيرا عن موقف الصحابة رضي الله عنهم إبَّان المعركة التي حدثت بين الفرس والروم ,
فالصحابة قبل أن ينظروا إلى مصلحتهم المادية من وراء المنتصر في هذه المعركة , نظروا من منظار عقيدتهم ودينهم , فأيَّدوا (بقلوبهم) الروم على الفرس , لأن الروم أهل كتاب مثلهم , وأما الفرس فمجوس عبدة نار.
أما نحن اليوم فكثير منا لا يهمه الفكر ولا العقيدة التي يحملها الشيعة , كل ما يهمه هو أن يصبح حرا من الإحتلال وكفى , ثم بعد ذلك فليكن ما يكون.
إذا كان هذا حالنا فكيف نتوقع نزول النُّصرة من الله وقربَ الفرج؟ ,
فحسبنا الله ونعم الوكيل.