تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وهو الغنى الرحيم]

ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[01 - 06 - 08, 12:57 ص]ـ

أن الله سبحانه غني كريم عزيز رحيم فهو محسن إلى عبده مع غناه عنه يريد به الخير ويكشف عنه الضر لا لجلب منفعة إليه من العبد ولا لدفع مضرة بل رحمة منه وإحسانا فهو سبحانه لم يخلق خلقه ليتكثر بهم من قلة ولا ليعتز بهم من ذلة ولا ليرزقوه ولا لينفعوه ولا ليدفعوا عنه كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطمعون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) [الذاريات: 56] وقال تعالى: (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا) [الإسراء: 111] فهو سبحانه لا يوالى من يواليه من الذل كما يولاى المخلوق المخلوق وإنما يوالي أولياءه إحسانا ورحمة ومحبة لهم وأما العباد فإنهم كما قال تعالى: (والله الغني وأنتم الفقراء) [محمد: 38] فهم لفقرهم وحاجتهم إنما يحسن بعضهم إلى بعض لحاجته إلى ذلك وانفاعه به عاجلا أو آجلا ولولا تصور ذلك النفع لما أحسن إليه فهو في الحقيقة إنما أراد الإحسان إلى نفسه وجعل إحسانه إلى غيره وسيلة وطريقا إلى وصول نفع ذلك الإحسان إليه فإنه إما أن يحسن إليه لتوقع جزائه في العاجل فهو محتاج إلى ذلك الجزاء أو معاوضة بإحسانه أو لتوقع حمده وشكره وهو أيضا إنما يحسن إليه ليحصل منه ما هو محتاج إليه من الثناء والمدح فهو محسن إلى نفسه بإحسانه إلى الغير وإما أن يريد الجزاء من الله تعالى في الآخرة فهو أيضا محسن إلى نفسه بذلك وإنما أخر جزاءه إلى يوم فقره وفاقته فهو غير ملوم في هذا القصد فإنه فقير محتاج وفقره وحاجته أمر لازم له من لوازم ذاته فكماله أن يحرص على ما ينفعه ولا يعجز عنه وقال تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) [الإسراء: 7] وقال: (وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) [البقره: 272] وقال تعالى فيما رواه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: (يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) فالمخلوق لا يقصد منفعتك بالقصد الأول بل إنما يقصد انتفاعه بك والرب تعالى إنما يريد نفعك لا انتفاعه بك وذلك منفعة محضة لك خالصة من المضرة بخلاف إرادة المخلوق نفعك فإنه قد يكون فيه مضرة عليك ولو بتحمل منته

فتدبر هذا فإن ملاحظته تمنعك أن ترجو المخلوق أو تعامله دون الله عز و جل أو تطلب منه نفعاأو دفعاأو تعلق قلبك به فإنه إنما يريد انتفاعه بك لا محض نفعك وهذا حال الخلق كلهم بعضهم مع بعض وهو حال الولد مع والده والزوج مع زوجه والمملوك مع سيده والشريك مع شريكه فالسعيد من عاملهم لله تعالى لا لهم وأحسن إليهم لله تعالى وخاف الله تعالى فيهم ولم يخفهم مع الله تعالى ورجا الله تعالى بالإحسان إليهم ولم يرجهم مع الله وأحبهم لحب الله ولم يحبهم مع الله تعالى كما قال أولياء الله عز و جل: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا) [الإنسان: 9]

(إغاثة اللهفان)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير