مع أن قول الشيخ رحمه الله ان للأشعري ثلاث مراحل لايستقيم فلا تعرف للامام الأشعري الا مرحلتين مرحلة الاعتزال و مرحلة انتسابه الى أهل السنة و الجماعة و ان قصر في تحقيق أصولهم و فهم مقاصدهم و ليس له قولان بعد مرحلة الاعتزال كما زعم امام الحرمين يقول شيخ الاسلام في درء التعارض
" أن يقال: أهل الإثبات للصفات لهم فيما زاد على الثمانية ثلاثة أقوال معروفة: أحدها: إثبات صفات أخرى كالرضى والغضب والوجه واليدين والاستواء وهذا قول ابن كلاب والحارث المحاسبي وأبي العباس القلانسي والأشعري وقدماء أصحابه كأبي عبد الله بن مجاهد وأبي الحسن بن مهدي الطبري والقاضي أبي بكر بن الطيب وأمثالهم ن وهو قول أبي بكر بن فورك وقد حكي إجماع أصحابه على إثبات الصفات الخبرية كالوجه واليد وهو قول أبي القاسم القشيري وأبي بكر البيهقي كما هو قول القاضي أبي يعلى وابن عقيل والشريف أبي علي وابن الزغوني وأبي الحسن التميمي وأهل بيته كابنه أبي الفضل ورزق الله وغيرهم كما هو قول سائر المنتسبين إلى أهل السنة والحديث وليس للأشعري نفسه في إثبات صفة الوجه واليد والاستواء وتأويل نصوصها قولان بل لم يختلف قوله أنه يثبتها ولا يقف فيها بل يبطل تأويلات من ينفيها ولكن أبو المعالي وأتباعه ينفونها ثم لهم في التأويل والتفويض قولان فأول قولي أبي المعالي التأويل كما ذكره في الإرشاد وآخرهما التفويض كما ذكره في الرسالة النظامية وذكر إجماع السلف على المنع من التأويل وأنه محرم
وأما أبو الحسن وقدماء أصحابه فهم من المثبتين لها وقد عد القاضي أبو بكر في التمهيد و الإبانة له الصفات القديمة خمس عشرة صفة ويسمون هذه الصفات الزائدة على الثمانية الصفات الخبرية وكذلك غيرهم من أهل العلم والسنة مثل محمد بن جرير الطبري وأمثاله وهو قول أهل السنة والحديث من السلف وأتباعهم وهو قول الكرامية والسالمية وغيرهم
وهذا القول هو القول المعروف عند متكلمة الصفاتية لم يكن يظهر بينهم غيره حتى جاء من وافق المعتزلة على نفيها وفارق طريقة هؤلاء وأصل هؤلاء أنهم يثبتون الصفات السمع والعقل بخلاف من اقتصر على الثمانية فإنه لم يثبت صفة إلا بالعقل وقد أثبت طائفة منهم بعضها بالعقل كما أثبت أبو أسحق الإسفراييني صفة اليد بالعقل وكما يثبت كثير من المحققبن صفة الحب والبغض والرضى والغضب بالعقل "
و قال أيضا رحمه الله
"ثم أتباع هذه الطوائف يحدثون من الحجج العقلية على قول متبوعهم ما لم تكن عند متبوعهم فيكونون - بزعمهم - قد تبين لهم من العقليات النافية ما لم يتبين لمتبوعهم
واعتبر ذلك بما تجده من الحجج لأبي الحسين البصري وأمثاله مما لم يسبقه إليها شيوخه وما تجده لأبي هاشم ولأبي على الجبائي وعبد الجبار بن أحمد مما لم يسبقهم إليها شيوخهم
بل أبو المعالي الجويني ونحوه ممن انتسب إلى الأشعري ذكروا في كتبهم من الحجج العقليات النافية للصفات الخبرية ما لم يذكره ابن كلاب والأشعري وأئمة أصحابهما كالقاضي أبي بكر بن الطيب وأمثاله فإن هؤلاء متفقون على إثبات الصفات الخبرية كالوجه واليد والاستواء
وليس للأشعري في ذلك قولان بل لم يتنازع الناقلون لنذهبه نفسه في أنه يثبت الصفات الخبرية التي في القرآن وليس في كتبه المعروفة إلا إثبات هذه الصفات وإبطال قول من نفاها وتأول النصوص وقد رد في كتبه على المعتزلة - الذين ينفون صفة اليد والوجه والاستواء ويتأولون ذلك بالاستيلاء - ما هو معروف في كتبه لمن يتبعه ولم ينقل عنه أحد نقيض ذلك ولا نقل أحد عنه في تأويل هذه الصفات قولين
ولكن لأتباعه فيها قولان: فأما هو وأئمة أصحابه فمذهبهم إثبات هذه الصفات الخبرية وإبطال ما ينفيها من الحجج العقلية وإبطال تأويل نصوصها
وأبو المعالي وأتباعه نفوا هذه الصفات موافقة للمعتزلة والجهمية ثم لهم قولان: أحدهما تأويل نصوصها وهو أول قولي أبي المعالي كما ذكره في الإرشاد والثاني تفويض معانيها إلى الرب وهو آخر قولي أبي المعالي كما ذكره في الرسالة النظامية وذكر ما يدل على أن السلف كانوا مجمعين على أن التأويل ليس بسائغ ولا واجب "
و قال رحمه الله في المناظرة الواسطية
"وقلت لمن خاطبنى من أكابر الشافعية لأبين ان ما ذكرته هو قول السلف وقول أئمة أصحاب الشافعى وأذكر قول الأشعرى وأئمة أصحابه التى ترد على هؤلاء الخصوم ولينتصرن كل شافعى وكل من قال بقول الأشعرى الموافق لمذهب السلف وأبين أن القول المحكى عنه فى تأويل الصفات الخبرية قول لا أصل له فى كلامه وإنما هو قول طائفة من أصحابه فللأشعرية قولان ليس للاشعرى قولان "
و الله أعلم بالحال و المآل
ـ[أبوسلمان المصري]ــــــــ[01 - 07 - 07, 04:08 ص]ـ
جزاكم الله خيرا