تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يحمل الإنسان في ثنايا عقله الآمال والطموحات، غير أنه لا يضمن بالتأكيد تحقيقها كلها كما يرجو ويتوقع. فكيف يمكن تحويل الفشل في الحياة إلى نجاح يقود الإنسان إلى مرتبة الرضا عن النفس، ومن ثَم إلى تلمس خيوط السعادة في هذه الحياة الدنيا والآخرة. المشكلة ليست في السقوط أو في التعثر في حفر الحياة المتناثرة هنا وهناك، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن يظل الساقط والعاثر في مكانه بلا حراك. الله تعالى وهب الإنسان القدرة على الطموح، لكن هناك دائما مشاكل في طريق الوصول إلى ما يطمح إليه، وعلى الإنسان أن يشق طريقه، وان يصارع ويواجه تلك المشاكل والعقبات، وتحقيق طموحاته وأمنياته. وهناك فئة من الناس، بمجرد أن يلحظوا أن هناك عقبات ومصاعب ومشاكل في طريق طموحاتهم وأهدافهم، فإنهم يتراجعون. لأن شعورا داخليا ينتابهم، شعور بالخوف من الفشل. كل إنسان لديه طموح، ولكن ليس كل إنسان يتخلص من عقدة الخوف من الفشل، فهو ذلك الحاجز الذي يحول بين الإنسان وبين تفجير طاقاته، وبالتالي بينه وبين الوصول إلى أهدافه وطموحاته وأمانيه. ولكن لماذا الخوف من الفشل؟ الفاشلون قسمان:قسم فكر ولم يفعل, وقسم فعل ولم يفكر. إن بعض الناس نفوسهم رهيفة لا تقبل الصدمة، نفوس متعودة على الراحة، ولذا تتراجع عن أي طريق تعترضها فيه المصاعب والصدمات والمشاكل. وقوله تعالى: "بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، 53 - الأنفال. لا تتهيب الفشل: الذي يخاف الفشل يصبح خائبا في حياته، ولا تتفجر طاقاته. انظر إلى الأشياء التي تخاف منها، ومارسها، حتى تكسر هيبة الفشل في نفسك. فالخوف من الفشل سببه تضخيم قضية الفشل في نفس الإنسان. هل يمشي الإنسان سويا على قدميه من أول يوم يخرج فيه من بطن أمه؟ ألا تلاحظون حياة الطفل حينما يريد المشي؟ فعليه أن يتحمل لفترة من الزمن التعثر في المشي والوقوع.

إن أفضل علاج للفشل أن لا يتهيبه الإنسان، فليس مشكلا كبيرا، أن يفشل الإنسان. إن طبيعة الحياة وسنتها: أن الإنسان لا يصل إلى النجاح إلا بعد أن يجتاز وديان الفشل.

البعد الإيجابي للفشل: إذا نظر الإنسان إلى الفشل كأمر طبيعي، ولم يضخمه في نفسه، فان عقدة خوف الفشل تتلاشى من قلبه، كما قال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "قرنت الهيبة بالخيبة"، وقال كرم الله وجهه: "إذا هبت أمرا فقع فيه". في بعض الأحيان يكون الفشل عنصر خير في حياة الإنسان، فهو الذي يكشف للإنسان نقاط ضعفه، وينبهه إلى الثغرات الموجودة في عمله. بينما استمرار الإنسان في تحقيق المكاسب والانتصارات، قد يخلق في نفسه الغرور، ويضعف من اهتمامه بالتقدم، ورفع مستوى العمل، وقد أشار القرآن الحكيم إلى هذه الحقيقة عند حديثه عن النكسة التي أصابت المسلمين في واقعة احد يقول تعالى: ?أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير * وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبأذن الله وليعلم المؤمنين * وليعلم الذين نافقوا .. ?.

وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "سيئة تسوءك خير عند الله من حسنة تعجبك".

إن أعاصير الفشل تغزو بسرعة كبيرة العقل المتشائم الذي لا يمتلئ بالرغبة المتوقدة في النجاح. إن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، وإن لم تملأها بإرادة النجاح وجدت إرادة الفشل تحل بدلا عنها. إن عقلك الباطن لا يميز بين الصالح والطالح وهو كالمغناطيس يجذب كل ما يحيط به، والمشكلة أنك قد تكون في غفلة من ذلك بينما كم هائل من المشاعر السلبية يجتاح عقلك الباطن. وكلما داومت على مجالسة الناجحين والمتفائلين وكنت في بحث دائم عن كل ما يثير حماستك للعمل والنجاح فإنك ستجد آلاف الأشياء التي لها علاقة بالنجاح تأتي إليك طوعا منجذبة بقوة العقل الباطن. إن ذبذبات الفشل تمر من عقل إلى آخر بسرعة كبيرة، وأن المؤثرات السلبية تترك أثرا هداما في النفس. فالإنسان هو ما يعتقد في نفسه. فإن ظننت أنك غير كفؤ لن تكون كفؤا، وإن اعتقدت أنك ستنجح في عملك فستنجح حتما لأنك واثق من ذلك. إن الإيحاء يلعب دورا قويا في التغلب على الفشل وتوابعه، فلو أقنعت نفسك أنك ناجح ومتعافي ومتفوق فستصبح كذلك بالفعل. سيتحقق ذلك عندما تقهر مخاوفك وتحاربها، اعتبرها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير