تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونصيحتي لمن يعتقد هذه العقيدة أن يتقي الله عز وجل، وأن يدع هذا الاعتقاد الباطل، وأن يعلم أن العالم مهما كثروا فإن الله تعالى لو شاء لبسط لهم الرزق، ولكن الله قال في كتابه: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) الشورى/27.

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.

"فتاوى علماء البلد الحرام" ص 1084.

ولا شك أن الدعوة إلى تحديد النسل أو تقليله، مصادمة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم القائل: (تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ) رواه أبو داود (2050) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1784).

وقد ضمن الله تعالى لجميع المخلوقات رزقها، فقال: (ومَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) هود/6.

فمحاربة الزيادة السكانية ـ سواء كان ذلك بفرض وسائل منع الحمل أو بالإجهاض أو بغير ذلك ـ باعتقاد أن الموارد لا تكفي الزيادة السكانية، وأن مصلحة البشر تقتضي الإقلال من زيادة نموهم، إن ذلك إعلان لإنكار ربوبية الله للخلق، وسعة رزقه، وهو شبيه باعتقاد المشركين، الذين كانوا يقتلون أولادهم خشية الفقر، قال الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) الأنعام/151، وقال: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) الإسراء/31.

وكثرة الأمة نعمة من نعم الله تعالى التي يستحق أن يشكر عليها، ويعبد وحده، ولهذا ذكر الله تعالى أن نبيه شعيباً عليه السلام ذكَّر قومه ببعض نعم الله عليهم، فقال: (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ) الأعراف/86.

وكثرة الأمة من أسباب عزتها وانتصارها على أعدائها، ولهذا قال الله تعالى عن بني إسرائيل: (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) الإسراء/7.

وفي دراسة مستقبلية عن مصر قال الدكتور محمد سيد غلاب: "إن الزيادة السكانية لم تكن أبداً عبئاً، ولا يصح أن تعتبر كذلك في القرن القادم؛ فهي التي مكنت مصر من التقدم في كل العصور".

وفي دراسة أخرى: يشير الدكتور مصطفى الفقي إلى أن من أهم العوامل المؤثرة في دور مصر عربيّاً: "اعتبار مصر مستودع الثروة البشرية". ويقول الأستاذ خورشيد أحمد الخبير الاقتصادي: "القوة الغالبة لا تكون في المستقبل إلا للبلاد التي تتمتع بزيادة السكان، وتتحلى في الوقت ذاته بالعلوم الفنية، فليس ثمة شيء يستطيع أن يحتفظ لأمم الغرب بسيادتها وقيادتها العالمية سوى أن تعمل على نشر حركة تحديد النسل ومنع الحمل في بلاد آسيا وإفريقيا؛ لأجل هذا: فإن البلاد الغربية تعمل اليوم وسعها لزيادة سكانها، ولكنها في الوقت نفسه تستعين بأحسن ما عندها من أساليب الدعاية لتعميم حركة تحديد النسل في البلاد الآسيوية والإفريقية".

ويقول أيضاً: "وما أصْدَق الأستاذ (أورجانسكي) [مفكر أمريكي] في قوله: " وفي المستقبل، إنما تكون القوة أكثر عند المعسكر الذي يكون عنده الأفراد أكثر".

ويقول أيضاً: "مما لا يخفى على طالبٍ لعلم التاريخ: أن تعدد السكان له أهمية سياسية جذرية، ولذا: فإن كل حضارة أو قوة عالمية قد أولت جل اهتمامها إلى زيادة أفرادها في عصرها الإنشائي والتعميري، ولذا: فإن المؤرخ المعروف الأستاذ (ويل ديورانت) يعد كثرة السكان من أهم أسباب التقدم المدني، وأيضاً يعدها الأستاذ (آرنولد توينبي) من تلك التحديات الأساسية التي ردّاً عليها يخرج إلى عالم الوجود تقدم أي حضارة إنسانية". وحتى لا يفهم الكلام خطأ، فليست زيادة السكان وحدها هي الكفيلة بالتقدم والحضارة، والانتصار على الأعداء، بل هي سبب رئيس لذلك، ولكنه ليس السبب الوحيد، بل لا بد أن يواكب ذلك: تعليم قوي، وتربية صحيحة، وشيوع العدل والأمان في المجتمع، ومحاربة الفساد، وقبل كل ذلك: الإيمان والتقوى، قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير