[موقف محرج تعرض له طالب علم .. ماذا تفعل لو كنت مكانه؟ .. وهل مررت بهكذا موقف من قبل؟]
ـ[أبو البراء الجعلي]ــــــــ[21 - 07 - 08, 07:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب الأخ / مازن بن أحمد الغامدي رحمه الله
أذكر مرة بعد سنوات من موقفي مع الشيخ حينما أغلق جبل الهدى بسبب الأمطار ..
موقفا لن أنساه حيث تجرعت فيه مرارة اسمحوا لي بروايتها لكم ولو طالت ..
فقد يكون فيها شيء من الطرافة ..
كنت عائدا من جده وكنت في ضيافة أحد الزملاء ..
وقد حملت في جيبي مبلغا بسيطا من المال ..
أظنه لا يتجاوز المئة وخمسون ريالا ..
ولم تكن تلك الأيام قد شاعت في الناس بطاقات الصراف الآلي بل أظنها معدومة ..
والمال وفير والحمد لله ولكن لم يكن يدر بخلدي أن احتاج للقليل منه فلا أجده ..
في الطريق من بيت صاحبي ..
أشار لي رجل مسن بالتوقف ..
وكانت حالته مرثية ويظهر عليه البؤس والإعياء بل كان يمشي بثقل على عكازي ن .. فتوقفت
بجواره .. وقلت له: نعم ياعم ..
فقال: لو قدمتني معك يا ولدي لأطراف المدينة ..
ففتحت له الباب وجلس بجواري ..
أخذ يدعو لي ويشكرني فقلت له: لا داعي أنا لم افعل شيئا يستاهل الشكر ومقصدك على طريقي ..
قال لي: وددت أنك كنت معي في جيزان فأكرمك كما فعلت معي فانا من ساعة أشير للناس فلم
يتوقف لي احد يظنني الناس أتسول ..
سكت قليلا ثم تنهد وكأنه يريد أن يروي لي معاناته ..
يقول من أي المناطق أنت؟؟
قلت له:أنا حاليا أقيم في منطقة القصيم
قال:من أي القبائل ..
ثم قا ل: أنا من قبيلة كذا من جيزان وأحترف الزراعة وعندي بستان فيه ما لذ وطاب من الفوا كه
والأشجار الظليلة .. ياليتك إن جئت لجيزان تعرج علي فأكرمك ..
قلت له: وهل عندك أحد تقيم عنده في جده ..
قال: أبدا أنا كما ترى رجل كبير ومريض جئت هنا لأحد الأمراء لكي احصل منه على تو صية
للعلاج في إحدى مستشفيات جده ..
ولكن للأسف لم أتمكن من الوصول للأمير مباشرة لكثرة الناس فوضعت مظروفا مع الناس وسأرجع
أدراجي لجيزان الآن ..
قلت: ولماذا لا تمكث في جده حتى تنتهي معاملتك؟
قال: أبنائي صغار ولا يقوم عليهم احد سواي ومزرعتي تحتاج لرعاية
فلا بد أن ارجع لهم وبعد أسبوع سأعود لمكتب الأمير لأرى النتيجة!!
قلت له:ولماذا لا ترجع بالطائرة إلى جيزان فأنت مثقل وطريق العودة طويل ..
قال: لم اركب الطائرة في حياتي ولست اقدر على قيمتها ..
والحمد لله سأقف على الطريق العام وسوف أجد من يتجه على جيزان وسأركب معه!!
تأسفت في نفسي لحال هذا المسكين وتمنيت في تلك اللحظات لو كنت احمل مالا أتوجه به للمطار فلا
أغادره حتى يرجع لأولاده وينام معهم تلك الليلة ولكن هيهات ..
حينما وصلنا لمقصده قال لي: يابني كم تطلبني؟؟
قلت له: لا شيء ..
ثم أخرجت محفظة نقودي فسحبت منها مبلغا دون أن أراه وقلت له خذ هذا المال استعن به في
طريقك ..
فدعا لي وشكرني حتى كدت أذوب من الخجل منه ..
ما إن غادر ذلك المسكين حتى أضاءت إشارة نفاذ الوقود في سيارتي ..
وجدت محطة وقود قريبة فأشرت للعامل وقلت له أملأه!!
تفقدت محفظتي فوجدت فيها مبلغا لا يتجاوز الخمسة عشر ريالا!!
فقفزت خارج السيارة وأطفئت مكينة البترين وقلت للعامل يكفي فقط خمسة عشر ريالا!!
وسيارتي من نوع المرسيدس و بالتأكيد لن توصلني إلى مكة ?ذه الكمية فكيف إلى الطائف!!
وهنا تبدأ الحكاية!!
خرجت من جده وأنا أراقب عداد البترين وسرعتي متوسطة وأطفأت جهاز
التكييف وبقيت استغفر واهلل وأقول في نفسي ما الذي سأفعله لو انتهى بي الوقود؟؟
لاحظت أن البرق يضيء على جبال الهدى والتي ترى للداخل إلى مكة فتوجست خيفة ..
وقلت في نفسي ماذا لو أغلقوا الطريق؟؟
قبل أن ادخل لمكة أضاء العداد بقرب نفاذ الوقود!!
مررت على مكة وأخذت أبحث في رأسي عن حل لهذه الورطة فلم أشعر إلا وأنا في أطراف مكة على
طريق الطائف السريع ..
لاحظت من بعيد دورية مرور تقف في وسط الطريق .. ورأيت كثيرا من السيارات تعود أدراجها على
مكة!!
وقفت أمام الجندي ففتل شواربه وقال: وين رايح؟؟
قلت: الطائف ..
قال الطريق مغلق رح من المسيال!!
قلت له: ومتى سيفتح؟
قال: والله ما أدري يمكن ساعة يمكن يوم يمكن يومين؟؟
قلت له: وهل يمنع الذهاب للجبل؟؟
قال: أفضل لك تروح من المسيال، وإذا تبغى تروح على مسئوليتك تفضل ..
¥