تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

شكرته وتوجهت للجبل ..

وليتني سمعت نصيحته وبقيت في مكة حتى يفرجها المولى سبحانه ..

بقيت أسير بهدوء وأراقب العداد وأقول في نفسي ماذا لو توقفت بي في منتصف الطريق الموحشة

المظلمة؟؟

ما لذي سأفعله؟؟

بمن سأتصل؟؟

وبالتأكيد سوف يقلق علي أولادي ولا وسيلة اتصال لدي!!

وصلت للجبل وفي ذات الموقع الذي توقفت أنا وشيخنا بجواره قبل سنوات

ولكنني هذه المرة وحيدا فريدا وبلا مال!!

وجدت عشرات السيارات متوقفة وكلهم مثلي يأمل أن يفتح الطريق في ساعة أو بضع ساعات أما

أنا فكنت احمل هما اكبر هو هم الوقود!!

نزلت من سيارتي وتوجهت للعسكر لعلي أجد عندهم حلا لمشكلتي التافهة!!

كانوا في جدال وجلبة مع الناس وكل يروي

مأساته يقول أحدهم دوامي والآخر يقول أنا مواصل للجنوب وثالث يقول:

أريد أن أوصل أبنائي للمدرسة ..

فيرد عليهم الجنود عودوا للمسيال!!

والمسيال لمن لا يعرف المنطقة هو الطريق الآخر للطائف وهو أبعد قليلا من طريق الهدى ..

يقول الجنود:

الطريق خطير والسيول قد جرفت الصخور والأوامر تقضي بمنع التحرك حتى تصلح الإعطاب ويزول

الخطر ..

عدت لسيارتي وأطرقت أفكر في حل لهذه المشكلة ..

ومرت حوالي الساعتين وكانت كعشر ساعات على نفسي ..

شعرت بالهدوء من حولي وخفت جلبة الناس وعاد كثير منهم لطريق المسيال ..

رفعت رأسي فرأيت الجنود قد جلسوا على بسط في وسط الطريق وأخذوا

يتبادلون الحديث وشرب القهوة والشاي وكان الجو عليلا ونسيم الرياح بعد منتصف الليل أضفى

على المكان الأنس ..

تشجعت وقلت في نفسي: لما لا أذهب إليهم فأحكي لهم حالي!!

فالناس لبعضها والخطب يسير وهونت الأمر على نفسي ..

نزلت من السيارة وقصدتهم ..

فلما اقتربت منهم أطفأ احدهم سيجارته وصافحته وقال: ليش ما تنام يا مطوع؟؟

ولم يدعني للجلوس ..

قلت له: هل من جديد؟؟

التفت وراءه للجبل فلمعت في السماء أضواء البرق ..

وقال: شوفت عينك ما اظنك بتمر الليلة!!

قلت له: لعله بكره الصباح بدري!!

قال: لين تجي الشركة في الصباح وتنظف الطرق لعله الظهر بكره!!

وأفضل لك تروح من المسيال!!

هممت أن أقول للعسكري سبب تأخري ولكنني استحييت وخجلت فرجعت من عنده وأنا في هم لايعلمه إلا الله ..

قلت في نفسي كيف يجرأ الناس على السؤال؟؟

أعوذ بالله من الذل ..

رغم أني محتاج ومستحق ولكن لا أدري!!

الحمد لله على المعافاة ..

رجعت لسيارتي وفتحت نوافذها وتوسدت يدي ونمت نوم المتوجس والمهموم ..

أذن علينا الصبح ..

فتوجهت للمسجد الواقع بجوار محطة البترين ..

وقدمني المؤذن البنجلاديشي للصلاة ..

وصليت بالناس الفجر ..

بعد الصلاة بقيت في المسجد والعامل ينتظر خروجي حتى يغلق المسجد .. وكنت أتكلم معه وألاطفه

واسأله عن بلده وكل ذلك أنني هممت والله أن اطلب منه أن يقرظني أو يهبني عشرين ريالا!!

لكي أملأ السيارة بوقود يرجعني لمكة ولكن هيهات كيف لهذا المسكين أن يثق بشاب عليه اثر الترف

وسيارته فارهة يطلب منه عشرون ريالا ..

أو حتى عشرة ريالات ..

ومرة أخرى منعتني كرامتي وصون وجهي عن السؤال ..

فالحمد لله على المعافاة ..

تكاثرت السيارات بعد صلاة الفجر وجاءت من كل حدب وصوب

وصار المكان غاصا بالخلق وطلبة المدراس والمعلمون وتدافع الناس على العسكر ..

وزاد الأمر سوءا انه مر موكب رسمي فلم يتردد الجنود بالسماح لهم

بالمرور فضج الناس وارتفعت الأصوات وقالوا: ونحن أليس لدينا مصالح؟؟

فقالوا هذا موكب رسمي ..

فقال الناس ونحن نذهب على مسئوليتنا دعونا نمر ..

فلم يفلح ذلك في إقناع الجنود ..

بقيت ارقب الموقف وبدأ الجوع يدب في بطني ..

كنت أسير وأهيم بين السيارات وأتفرس وجوه الناس لعلي أجد أحدا اعرفه

لم يحفل بي احد فكل بهمه اشتغل ..

توجهت لمحطة الوقود ..

وهممت أن اكلم العامل أن يضع لي وقودا على أن أرجع له بعد يوم بماله ..

فتوسمت في وجهه فعلمت أن كواكب السماء اقرب لي من ذلك!!

رجعت للسيارة وحميت الشمس حتى صار الجو خانقا ..

في الضحى توجهت للعسكر مرة أخرى وكانت الوجوه جديدة فقد تغير فريق العمل ..

ولم يكن الجو مشجعا وعلامات الإعياء بادية عليهم ..

اقتربت منهم فلما انتصفت الطريق عدت أدراجي!!

حيرة وحياء من ذل سؤالهم ..

وما عساني سأقول لهم: أعطني بالله عشرة ريالات؟؟

أو أنني محتاج أو جائع؟؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير