تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التراب عليه تذللا في العلم واحتراما لأهل العلم، فلما رآه على هذه الحال انشرح صدر المسؤول أن يجيبه عما أراد وعظُم في نفسه، فكان ابن عباس إذا سأل أُجيب غير كثير ممن هم في طبقته من الصحابة رضي الله عن الجميع، ولهذا قال كلمته المشهورة: ذللتُ طالبا فعززت مطلوبا. يعني لمّا كنت طالبا كنت أذلّ لمن أستفيد منه ولكن لما أحتاج الناس إلي عززت مطلوبا؛ لأنه صار عندي من العلم ما ليس عند غيري. ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn2))

وقد قال ابن عباس لبعض الأنصار -وكان صديقا له- اذهب بنا يا أخي إلى صحابة رسول الله r نسألهم عن العلم ونستفيد منهم، فقال: ذاك الأنصاري يا ابن عباس أتظنّ النّاس سيحتاجون إليك وهؤلاء صحابة رسول الله r الكبار بين ظهرانيهم. قال: فتركت العلم والسؤال وذهب ابن عباس يسأل. ذهب كبار الصحابة فأتى زمن ابن عباس فيه هو من كبار صحابة رسول الله r، فاحتاج الناس إلى علمه وأصبح يجيب الناس بما فتح الله جلّ وعلا عليه ومنّ عليه من العلم، الشاهد من ذلك أنّ السائل والمتعلم يحتاج إلى أدب وهو مراعاة أهل العلم وأن لا يضيق بالعالم إذا لم يفتح له صدره دائما، بشر هو، أحيانا يكون على حال وأحيانا يكون على حال أخرى؛ وهذا لعله من أسباب عدم إكثار الصحابة سؤال النبي r تأدبا معه وتوقيرا له عليه الصلاة والسلام وحتى يكون ذلك أبلغ في الأدب معه عليه الصلاة والسلام.

هذا من جهة أدب السائل.

أما العالم فأيضا يحتاج إلى أن يكون -أو طالب العلم- معه أدب في الجواب، وأهل العلم يعلمون ذلك وهم الذين يعلمون غيرهم في ذلك، فإنْ كان من بعض طلبة العلم أو المنتسبين إلى العلم أو أهل العلم من لم يكن للسائل حفيّا أو اشتد على السائل أو وبّخه فلا يغضب السائل ويأتي -كما هو حاصل اليوم- يذهب ويقول فلان من المشايخ سألته ونهرني وقال لي كذا وكذا ليش نحن جَايِّين نطلب منه شيئا ونحو ذلك، هذا لا ينبغي لأنّ حال المسؤول ينبغي لك أن تعذره؛ لأنّه خاصة في هذا الزمن ليس في زمن الرياض أو المملكة منذ خمسين سنة، الذين هم في الرياض كلهم خمسة آلاف أو أربعة آلاف، الواحد يسأل سؤالا واحدا في اليوم، وقد يمر أيام ما أحد سأل لوضوح الأمور، الآن الهاتف كل لحظة يشتغل، والمسجد هذا سائل والثاني والثالث، والرسائل التي تحتاج إلى جواب، ونحو ذلك من المشكلات العظام أيضا التي تحتاج إلى علاج، وما أشبه ذلك.

فلابد أن نكون ملتمسين عذرا لأهل العلم ولطلبة العلم، لابد، وإذا كنا غير ملتمسين للعذر فإن هذا غير جيد في حقنا ومن ترك مراعاة الأدب؛ أدب السؤال وأدب الجواب.

أيضا العلماء يختلفون بعضهم يكون سهل الجواب، وبعضهم يكون غير سهل الجواب، وهذا راجع إلى طبيعته؛ طبيعته التي جعله الله جل وعلا عليها، فإذن السائل ينبغي له أن يلتمس العذر، وأن يتأدب وأن يوقر العالم ويستفيد من علمه بقدر ما يحب العالم وأن لا يقصيه في أموره.

من الأدب المهم أيضا -أدب السائل- أن لا يحرج السائلُ العالمَ أو طالب العلم مثال ذلك مثلا أسئلة مرّت جاءني في أحد المحاضرات سؤال يقول: أسألك بالله وبوجهه وأقسم عليك أن تجيب على هذا السؤال. طيب المسؤول قد يكون له نظر في أنّه لا تناسب إجابة هذا السؤال على العامة، فأنت الآن أحرجته شرعا لأنّ من السنة إبرار المقسم؛ فإذا أقسم عليك أحد بالله فإنه من السنة أن تجيبه «من سألكم بالله فأجيبوه» فالآن أحرجته، هو يرى المصلحة الشرعية السؤال لا يعرض ولا يجيب عليه وأنت تحرجه شرعا في أن يجيبه، وهذا من غاية ما يكون من عدم رعاية الأدب وعدم احترام أهل العلم وطلبة العلم؛ لأنّك تريد أنت الإجابة لغرض في نفسك، ومثل هذا الذي يكون معه إقسام وسؤال بالله غالبا بل الأكثر والجلّ لا يكون هو الذي يريد أن ينتفع لنفسه، وإنما يريد أن يكون هذا جوابا لأشياء تتعلق بالمجتمع أو بالأمة بالرأي العام ونحو ذلك، يريد أن ينتشر الجواب عن ذلك، العالم أو طالب العلم قد يترك جواب بعض المسائل لغرض شرعي صحيح يرعاه، وقد يرعى من المصالح الشرعية ما لا يستبينه السائل، فإذا حرّج السائلُ طالب العلم في مثل هذا التحريج كان هذا في غاية ما يكون من الإساءة، فإما أن يجيب عليه العالم فيقع عدم المصلحة الشرعية، وإما أن يرتكب النهي، فبذلك يوقع العالم أو طالب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير