تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- ومن الأسباب التي أدت إلى بعث هذه الدورات منجديد أفول شمس الإمبراطورية اليونانية القديمة التي تحاول الآن أن تجد لها موطئ قدمفي العالم، تماماً كما يفعل سفهاء بلادنا حين يفاخرون بالأحجار العظيمة التي تركهالنا الفراعنة.

- ومن الأسباب أن هذه الرياضات الأوليمبية أكثرها رياضاتبدنية نافعة مما يسهل الترويج لها تحت دعاوى الصحة الجسدية والنفسية، والمنافسةالشريفة، والتواصل الراقي بين الشعوب.

إلا أن أخطر ما في الأمر -بالإضافة إلىأصوله الوثنية- أن أمثال هذه الدورات أصبحت اليوم أداة فاعلة في تذويب هوية الشعوبوأفكارها ومعتقداتها تحت شعارات التعايش السلمي وقبول الآخر والقيم الإنسانيةالعالمية ... إلى آخر هذه الدعاوى المشبوهة.

يؤكد ذلك هذه الرعاية الأمريكيةالصهيونية لأمثال هذه الدورات والتجمعات الأممية على غرار كأس العالم لكرة القدم، حتى أضحت الهيئات المنظِمة لهذه الدورات بمثابة دول عالمية عظمى تتجاوز حدود السياسةوالتاريخ والجغرافيا لتفرض سطوتها على الدول المنتمية لها التي تخضع لشروط ومطالباتهذه المنظمات بانقياد تام، وإلا كان مصيرها الطرد من هذه الجنة المزعومة؛ فتمسخالهوية، وتسحق الكرامة من أجل عبث لا يفيد في دنيا ولا أخرى.

ودائماً ما تأتيشروط هذه المنظمات الدولية تحقيقاً للأجندة التوسعية للأمريكان والصهاينة الذينيملكون المال والقوة، والقدرة على الإبهار، بحيث تصير كل استجابة لهذه الشروط تكريساًللمفاهيم والأوضاع التي تريدها العصابة التي تريد أن تحكم العالم اليوم.

لميتوقف قطار العولمة وتذويب هوية الشعوب عند حدود العرقيات والدول الضعيفة في أوروباوأفريقيا، بل تعداه إلى دول توصف بأنها نمور اقتصادية وسياسية وعسكرية؛ فبعد الهزيمةالساحقة لليابان في الحرب العالمية الثانية، وجدت أمريكا لنفسها موطئ قدم في القارةالآسيوية وسط هؤلاء القوم الصُفر، قصارِ القامة، ضيقي الأعين الذين يتكلمون بسرعةوانفعال، وعندهم من العادات والتقاليد ما يفتقده الغربي والأمريكي، ولكنه في الوقتنفسه يمتلك القوة والمال والإبهار الذي جعله يسحق هذه الهوية اليابانية العتيدةليزداد الإغراء بتجربة نفس الأمر مع هويات ودول أخرى، مثل: كوريا والصين اللتينتشكلان إلى الآن غصة في حلوق الأمريكان نظراً لامتلاكهما المال والسلاح النووي.

وأهممن ذلك الإرادة الشعبية وما يطلق عليه الأيديولوجية التي ما زالت صامدة في وجهالهامبورجر الأمريكي.

لكن ما لا يأتي عبر السلاح والمال يمكن أن يأتي عبر كرةالقدم، وكرة الماء، والكرة الطائرة أو أي كرة أخرى تحتاج إلى مجموعة من السفهاءيتقاذفونها بينهم، ومجموعة أخرى أكثر سفاهة تراقب بانفعال وتوتر، وتهتف وتصفق حينماتهز الكرة الشباك، حينها يمكن أن تنهار الأيديولوجية تحت وطأة الضربات والركلاتالتي لا تنزل على الكرات بقدر ما تنزل على عقل وكرامة هذه الشعوب.

كان يتوقع منالنمر الصيني الذي يذهل العالم اليوم باقتصاده المتنامي الذي يُحْنِق الأمريكان، وكذلكقوته العسكرية النووية، والفيتو الأممي أن يصمد قليلاً في مواجهة أمواج العولمة تلك، ولكنك ترى العكس إذا تابعت الاستعدادات الصينية المحمومة في التجهيز لدورة الألعابالأوليمبية القادمة التي ستقام في عاصمتها "بكين" في هذا الشهر -أغسطس 2008 - وذلك لأولمرة في تاريخها.

أدركت الصين أن العالم سينظر لها نظرة أكثر تدقيقاً فبدأت بتوزيعالأكياس البلاستيكية على شعبها الذي اعتاد على البصق في الطرقات؛ لتعويده على البصقفي هذه الأكياس ثم إلقائها بعد ذلك؛ لأن الكاميرات ستصور ولا نريد أن يرانا الأجانبعلى مثل هذا العادات، هذا بالإضافة إلى تغيير أنظمة المراحيض العامة لتوافق مااعتاده الغربيون في طريقتهم لقضاء الحاجة، برغم أن ما اعتاده الصينيون أفيد منالناحية الصحية، إلا أن الكاميرات ستصور كما تعلمون، وتسمع نداءات موجهة للمافياالصينية بأن ترفع أيديها قليلاً حتى تمر الدورة بسلام، وبعد ذلك فلتفعل ما تشاء.

ونفسالأمر بالنسبة لتجارة البغاء والمخدرات، الكل سيبتسم أمام الكاميرات، ناهيك عن المليارات التي أنفقت على تجهيزات المطارات والفنادق والملاعب، وملايين اللافتات التي علقت في أرجاء البلاد ترحيباً بالسادة الضيوف، حتى المساجد لمتسلم من هذه اللافتات والمسجد الذي امتنع عن أن يكون بوقا لهذا السخف تم هدمه بقلبميت؛ لأنه مسجد ولن يبكيه الغربيون؛ ولأنه لا صوت يعلو فوق صوت الأولمبياد.

مئات المؤتمرات الصحيفة والتصريحات والبيانات التي مفادها أننا قوم صالحونومسالمون، ونسمع الكلام، ونغسل أيدينا قبل الأكل وبعده؛ وبرغم ذلك ولأن الدابة قدجهزت للركوب تجد تهديدات غربية شعبية ورسمية بمقاطعة هذه الدورة حتى تقوم الصينبتحسين ملفات حقوق الإنسان وهي مسمار جحا الدولي، وحتى تقطع الصين علاقتها معالسودان، وحتى تقوم الصين بالدور المطلوب منها في مواجهة كوريا الشمالية وإيران. حتى شركة ميكروسوفت دخلت على الخط هي الأخرى، وتهدد بعدم الاكتراث بالسوق الصيني، وبسحب الاستثمارات منه.

الكل أمسك بالعصا، والنمر يستكين ويبكي، ويتعهد بحسن السيرة، وبأن يكون قطاً سيامياً كسولاً، وألا يكون نمراً إلا في مواجهة المسلمين في بلاده، وأعداءالأمريكان خارجها وإلا أحرقته هذه الشعلة الوثنية.

لم يبق صامداً في وجه تيارالعولمة والصهينة مثل المسلمون ... وحدهم من يقاوم ويحمل القلم والسلاح ويخوض هذهالمعركة، برغم كل قوى التخذيل والتوهين الداخلية، وبرغم مساعي أذناب الغرب البائعيندينهم وأمتهم.

فقط نحتاج إلى مزيد من التمسك بديننا وهويتنها، ومزيد من الجهد فيمقاومة مساعي التغريب بين أبناء المسلمين، ومزيد من الجهد في صد كيدأعدائنا.

نحتاج إلى مزيد من الرسائل من كل بلاد المسلمين لتُعلِم الغرب أن أبناءالمسلمين يرفضون التقافز كغيرهم من الشعوب في جبلاية القرود تلك، حتى وإن كانالواقع مريراً وفيه شيء كثير من ذلك ومن سفهائنا الكثير ممن يرضى بهذه المهانة إلاأنه مهما طال الليل فسيأتي غدا فجر، والحمد لله ربالعالمين.

www.salafvoice.com

موقع صوت السلف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير