تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ما أروع هذه النملة، وما أعجب هذه النملة إنها حملت هم أمتها، إنها أدركت خطورة مسئوليتها، إنها عندما أحست بقدوم الخطر قبل وصوله قامت صائحة معلنة لبني قومها: إن الخطر قادم فهلموا أنقذوا أنفسكم، عجيب أمر هذه النملة، عجيب أمر هذه النملة -أيها الإخوة-، انظروا هل هربت النملة بنفسها عندما أحست بالخطر؟ هل هذه النملة قالت: أنا ماذا أفعل؟ أنا نملة وحيدة، ماذا أفعل بهذا الجيش القادم، وهذا أمة النمل أمة كثيرة، وأنا نملة وحيدة ماذا أفعل؟.

بالله عليكم -يا أحبتي الكرام- أليس الخطر الذي يهدد أمتنا أعظم من الخطر الذي هدد نمل سليمان؟ كم منا من يحس بإحساس النملة، ويسعى منقذا لأمته، ومتلهفا على حياة أمته؟ من منا يقوم وينام، وهو يحمل هم حال الأمة التي يحدق بها الخطر يمنة ويسرة؟ والله إنه ليس بخطر واحد، ولكنها أخطار (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) () من منا يعيش -أسألكم بالله- يعيش هم هذه الأمة، وهم الأخطار المحدقة بها؟

لنكن صرحاء مع أنفسنا، لنكن صادقين مع أنفسنا، هل نحن نحمل هم هذه الأمة، وما يكاد لها، وما يحاق، وما يتآمر عليها؟ أو أننا نحمل هم الوظيفة، وهم البيت، وهم الزوجة، وهموم أخرى قد يأتي هم الأمة في وسطها أو في مؤخرتها، وقليل أولئك الذين يضعون هم هذه الأمة في مقدمة همومهم.

ثم انظروا أحبائي الكرام -مرة أخرى- (قَالَتْ نَمْلَةٌ) () نملة هنا نكرة، نكرة يا أخوان، لم يقل الله -جل وعلا- وقالت النملة، إنما قال (قَالَتْ نَمْلَةٌ) () إذًا هي نكرة، هل هي الملكة أو ليست الملكة أو غير الملكة؟

المهم إنها وردت في القرآن منكرة، فهى نملة من هذا الوادي الطويل العريض، ومع ذلك لم تحقر نفسها، أما نحن فنتساءل ماذا فعل الشيخ فلان؟ ماذا فعل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز؟ أسأل الله له الشفاء، وطول العمر، وأن يبارك لنا في عمره، وآخرون يسألون ماذا فعلت هيئة كبار العلماء؟ وآخرون يسألون ماذا فعلت اللجنة الخماسية؟، ورابع يسأل ماذا فعل فلان، وفلان؟ أسألك أنت يا أخي الكريم أنت ماذا فعلت؟

نملة نكرة -يا أخي الكريم- أنقذت أمة، نملة حملت هم أمة فأنقذتها، وهى نكرة لا شأن لها، وأنقذ الله -جل وعلا- هذا الوادي على يديها.

إذًا يا أخي الكريم والله من السهل جدا أن تحمل غيرك المسئولية فيما يحاق بالأمة، ولكن كن صريحا، وكن جريئا أنت ماذا تفعل؟ أنت ماذا قدمت؟ أنت ماذا فعلت؟

نملة نكرة، وأنت ألا تستطيع يا أخي الكريم أن تفعل مع أمتك ما فعلته هذه النملة مع بني قومها، ثم نأتي للنقطة الأخيرة مع هذه الوقفة؛ لأنني قلت لكم: سأختصر، وما أعجبها من وقفة (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (). أكبر هل جلست تفسر في النيات؟ هل قالت: إن سليمان قد احتقركم، إنكم جند ضعيف فلا يبالي فيكم؟ هل جلست أو جلس قومها يتساءلون؟، بل إنها لو سكتت لفعلت خيرا، فكيف وقد برأت سليمان -عليه السلام- وجنوده، قالت (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) () أنا لا أتهمهم في نياتهم، مع أنهم سيحطمونكم، سيقتلونكم، سيقضون عليكم، لكن (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) () الله أكبر انظروا إلى حالنا، وإلى واقعنا.

رحمه الله الإمام محمد بن عبد الوهاب ذكر من مسائل الجاهلية المسألة الثانية بعد المائة، قال: إن من مسائل الجاهلية اتهام أتباع الأنبياء بطلب الدنيا، نعم تفسير النيات إذا رأوا داعية قالوا: هذا يريد الدنيا، هذا يريد المناصب، هذا يريد السلطة، هذا يريد ويريد، وأنتم تعلمون مدلول كلمة الأصوليين ماذا تعنى؟ أي أنهم أصوليون، ويا ليت الأمر اقتصر على العلمانيين بهذا التسمية، ولكن هناك من طلاب العلم ومن المنتسبين للعلم، وممن نظن فيهم الخير، والله انشغلوا عن أنفسهم بقلوب إخوانهم؛ هذا الداعية يريد كذا، وهذا الداعية يريد كذا، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لحبه لزيد " هلا شققت عن قلبه " () يقول لحبه وابن حبه أسامة بن زيد " هلا شققت عن قلبه " () عندما في قصة معروفة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير