تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم نكلف -أيها الأحبة- أن نشق عن قلوب بعضنا، هذه النملة انتبهت إلى هذه القضية، فلم تدع مجالا لبني قومها عندما قالت (لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ) () لأنها لو قالت هذه الكلمة وسكتت قد لا يسكت قومها، قد يقول قائل: لماذا يريد سليمان؟، وماذا يريد سليمان؟، ولماذا جاء مع هذا الوادي؟ ألم يجد غير هذا الوادي؟، وتبدأ التفسيرات، وتبدأ تفسير النيات فأغلقت الباب، وقالت (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) () دعوكم من تفسير النيات، دعوكم من الاشتغال في قلوب الخلق إذ كانت تقول هذا القول، والقوم مقبلون على تحطيمهم في حقيقتهم، كيف تكون حال من يشتغل بقلوب إخوانه، وهم قائمون لإنقاذهم؟

هل قال هذا النمل: أنت تريدين السلطة، أنت تريدين العلو، أنت تريدين الشهرة، لا، أبدا استجاب النمل، ودخل في مساكنها، ونجت بدعوة هذه النملة المسلوبة الصغيرة.

إنها قصص وعبر -أيها الإخوة- في هذا الموقف، وقد اختصرت اختصارا -كما قلت لكم- ونواصل مع أمور عدة مع هذه النملة.

رابعاً: من صفات النمل الصبر والجلد

النملة -أيها الأخوة- من صفاتها الصبر والجلد، الحقيقة قضية النملة -أيها الأحبة- غريبة في جديتها وصبرها، وأقول هذا وأوجه هذه الكلمة لطلاب العلم بصفة خاصة، ولإخواني بصفة عامة، تمنيت أن الواحد منا يصل في جلده وصبره وتحمله في طلب العلم، وفي الدعوة إلى الله إلى النملة.

خذوا الأمثلة: عند بناء البيوت بالنسبة للنمل، هذه القضية -أيها الإخوة- في صبرها وجلدها عندها صبر عجيب حتى إن البيت -ثبت بالدارسات العلمية- أن البيت من بيوت النمل يسقط فتعاود فورا بناءه مرة أخرى، ثم يسقط فتعاود بناء مرة ثانية وثالثة ورابعة حتى يستقيم البيت.

من صبر النملة وجديتها أمر لحظته بنفسي، وأذكر لكم فيه قصة بعد قليل، تأملوا حياة النملة عندما تريد أن تصعد إلى جدار أو على جدار ماذا تفعل؟ قد يكون الجدار أملس فتصعد وتسقط، هل إذا صعدت وسقطت تنصرف؟ أبدا تصعد وتسقط، وتصعد وتسقط، وتحاول من هنا، وتحاول من هنا، وتحاول من هنا، حتى -أحيانا- يا أحبتي الكرام- تكرر هذا أكثر من عشر مرات حتى تصعد.

الواحد منا قد يبدأ في مشروع، أو في عمل، أو في طلب العلم مرة ومرتين وثلاثا، ثم ينسحب، وأحسننا من يصل إلى ثلاث مرات في محاولاته، أما النملة فعجيبة، أبدا.

خذوا هذه القصة الحقيقية ذكرها المؤرخون: دخل تيمورلنك القائد المعروف معركة من المعارك، وعندما دخل المعركة هو وجنوده، وبدأت المعركة هزموا، وعندما هزموا تفرقوا، فما كان من تيمورلنك هذا القائد إلا أن هام على وجهه حزينا كثيرا كئيبا لهذه الهزيمة النكراء، أين ذهب؟ هل ذهب إلى بلده؟ هل ذهب إلى مملكته؟ لا، ذهب إلى جبل إلى مغارة، وجلس فيها يتأمل في الحالة التي وصل إليها وجيشه قد تفرق، وبعضهم ذهب إلى بلده فبينما هو مستغرق في تفكيره إذا نملة تريد أن تصعد على صفاة في الجبل حجرة ملساء، حجر أملس، فسقطت، فحاولت المرة الثانية وسقطت، والثالثة وسقطت، فشدته، وانقطع تفكيره، وبدأ يرقب هذا المخلوق الصغير، تابعها تيمورلنك في المرة السابعة عشرة صعدت، في المحاولة السابعة عشرة صعدت، فقال: والله عجيب، نملة تكرر المحاولة قرابة عشرين مرة، وأنا لأول مرة أنهزم وجيشي، ما أضعفنا، وما أحقرنا، فنزل من المغارة، وقد صمم على أن يجمع فلول جيشه، وأن يدخل المعركة، وأن لا ينهزم ما دام فيهم حي، والنملة تعيش في رأسه، فجمع قومه، وتعاهدوا على دخول المعركة، وأن لا ينهزموا ما دام فيهم حي فدخلوا المعركة بهذه النية، وبهذا التصميم فانتصروا.

أرأيتم يا أخي الكريم؟ إذا ضعفت، إذا تكاسلت، تذكر النملة، تذكر محاولات النملة، تذكر إصرار النملة، ويلحق بهذا -أيها الأحبة- مع الصبر والجلد موضوع قريب منه، ولكنني أفردته لسبب آخر، وهو الجدية؛ النملة أجمع علماء الأحياء على أن النملة من أجد المخلوقات من ناحية الجدية، جادة بمعنى الكلمة، ودعوني أتساءل وهذه بمراقباتي الشخصية وملاحظاتي الشخصية هل رأيتم يوما من الأيام نملة نائمة في الطريق؟ هل رأيتم يوما من الأيام نملة واقفة تتفرج؟ أبدا ما ترى النملة إلا جادة في مسيرتها وجادة في حركاتها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير