فتحسم فإذا حسمت هذه القضية الذي يفوز فيها هو الذي ينتقل، حتى ذكروا من العمليات التي تعملها النمل نوع من المصارعة -كما يقولون- فيجتمع فريقان: الفريق الذي يرى البقاء، والفريق الذي يرى الانتقال فيتصارعان؛ فالفريق الذي يغلب كلمته هو المقدمة فيذهب الجميع أو يبقى الجميع، المقصود أنها حلول عملية.
الحادي عشر: من صفات النمل أنه مجتمع نظيف
من الدروس -أيها الإخوة - وأنا أحاول أن لا أطيل؛ لأنني على وشك النهاية، وفي الحقيقة لم يبق إلا نقطتان.
مما رأيت النمل من دراسات علماء الأحياء أن النمل مجتمع نظيف، ينظف بيته، وثبت أن النملة تنظف نفسها يوميا حتى تصل في بعض مجتمعات النمل إلى أن النملة تنظف نفسها يوميا عشرين مرة، ونحن نقول: الذي ينظف نفسه من الجمعة إلى الجمعة جزاه الله خيرا إلا لسبب مشروع نعم، وقد يجلس الواحد -والله أحيانا- أسبوعين أو ثلاثة لم يستحم، قد يدخل المسجد ويتمنى البعض أنه يخرج من المسجد.
صحيح يذكر لي بعض الإخوان يقول لي: إذا دخلت المسجد -أحيانا- أنظر شخص موجود، ولا لأ؟ إذا كان في يمين الصف رحت في طرف الصف، صحيح هذا واقع، ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم " نهى أن يأكل الإنسان ثوما أو بصلا، ويأتي إلى المسجد " () فقضية مجتمع النمل مجتمع نظيف حفظك الله.
فإذا استثقلت أن تأخذ حماما أو تتنظف في الأسبوع مرة فتذكر النملة.
الثاني عشر: من صفات النمل أنه مجتمع مسبح
وأخيرا مجتمع النمل مجتمع يسبح، مجتمع مسبح كما ورد في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قرصت نبيا من الأنبياء نملة، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح، فهلا نملة واحدة " ().
الله أكبر عندما هذا النبي -عليه السلام-، وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، عندما قرصته النملة أحرق قرية النمل فعاتبه الله -جل وعلا-، وقال " أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح فهلا نملة واحدة " () (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ().
أقول هذا لماذا يا أحبابي الكرام؟ ذكرت في مناسبة من المناسبات -بناء على الأدلة الكثيرة في الكتاب والسنة على تسبيح جميع المخلوقات لله -جل وعلا- (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) () (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) () وهذه النمل تسبح، أما أقل المخلوقات تسبيح هما الإنس والجن، تريدون المثال العلمي.
انظر حالك أنت أنت، وأحسبك والله حسيبك أنك من أفضل الناس ما جئت لهذه المحاضرة إلا أن فيك الخير، وفيك الصلاح، وفيك الدين انظر لنفسك؟ كم تسبح اليوم أجودنا، وأحسننا إلا من وفقه الله من يسبح بعد الصلاة التسبيح الشرعي، ويقرأ أوراد الصباح والمساء، وكثير منا من يضيع عليه بعد الصلاة، قد لا يتم أوراد الصباح والمساء، وقد لا يتم تسبيح ما بعد الصلاة، أما أن يكون الواحد منا كما كان السلف الواحد منهم يسبح في اليوم إلى عشرين ألف تسبيحة.
أدركت رجلا عاش معنا منذ سنوات في الرياض، وقد توفي -رحمه الله - منذ سنوات يا إخوان تجاوز عمره المائة، وقد متعه الله بجميع قواه: البصر، السمع، العقل أتعلمون مما رأيت من أسباب ذلك عندما اهتممت في هذه القضية، وقد عشنا معه سنوات ما السر في ذلك؟ وجدت أن من توفيق الله له أمر رأيته، وأمر علمته عنه؛ أما الأمر الذي علمته عنه فأولاده حفظهم الله فيهم خير، ويتحرون الحلال في رزقهم، ومع ذلك لا يأكل من طعامهم إلا قليلا، يأكل من كسب مال له في قريته، هذا وأولاده من الصالحين، ولا أزكيهم على الله فهو يتحرى لقمة الحلال.
السبب الثاني، وهو الشاهد هنا؛ فقد رأيناه -يا أخوان- يسبح في اليوم -كما ذكر لنا أحد مشايخنا- أنه يسبح في اليوم قرابة خمس عشرة ألف تسبيحة، وتهليلة، وتحميدة، والله رأيناه -يا إخوان- نسلم عليه ويسبح، رأيناه نائما -يا إخوان- في المسجد، ويسبح، وهو نائم، كرامة من الله -جل وعلا- خمسة عشر ألف تسبيحة، كم تسبح يا أخي الكريم؟
أما مجتمع النمل فهو مجتمع مسبح " أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح " () فهو مجتمع مسبح لله -جل وعلا-.
الثالث عشر: النوع الثاني النمل الأبيض "الأرضة"
¥