ماضرها وكأن الذنب لم يكن ولقد بقي لها صدقها .. وثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليها وعلى توبتها، وبقي لها شرف الصحبة .. بقي لها فوق ذلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليها ودفنه لها فرضي الله عنها وأرضاها.
بادر قبل أن تبادر ولاتيأس ولاتقنط وإن كبر الذنب (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف: من الآية87)
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53)
جاء في صحيح مسلم (ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها وأخر الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة).
وجاء عنده أيضاً من حديث عمر بن الخطاب أنه قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تبتغى إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار قلنا لا والله وهى تقدر على أن لا تطرحه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أرحم بعباده من هذه بولدها.
قال الشيخ السعدي رحمه الله (فقل ما شئت عن رحمته فإنها فوق ما تقول وتصور فوق ما شئت فإنها فوق ذلك فسبحان من رحم في عدله وعقوبته كما رحم في فضله وإحسانه ومثوبته وتعالى من وسعت رحمته كل شيء وعم كرمه كل حي، وجل من غني عن عباده رحيم بهم وهم مفتقرون إليه على الدوام في جميع أحوالهم فلا غنى لهم عنه طرفة عين).
رحمة الله هل تنال بالتواني والكسل أم بالجد والعمل، لمن كتبها الله؟ اسمعوا معاشر المسلمين إلى قول الله (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) (لأعراف: من الآية157 - 156)
إنها للعاملين كتبها للعاملين لاللخاملين البطالين، فياعبد الله اعرف عزة الله في قضائه، وبره في ستره، وحلمه في امهاله، وفضله في مغفرته، فلله عليك أفضال وأفضال، ستره عليك حين ارتكابك للذنب، أما والله لو شاء الله لفضحك الله على رؤوس الخلائق فما جلست مجلساً ولاحضرت مجمعاً إلا عيرت بذلك الذنب فكم من عاص نفس معصيتك فُضح وسترك الله الذي لاإله إلا هو، وياعجباً لأقوام يسترهم الله فيصبحوا يتحدثون قد هتكوا ستر الله عليهم، أولئك غير معافين إنهم المجاهرون، وكل أمة محمد صلى الله عليه وسلم معافى إلا المجاهرين، فاشكر ربك إذ سترك.
ثانيها / حلم الله عليك، وقد سمعت طرفاً من سعة رحمته سبحانه وتعالى.
ثالثها / وهو من أعظمها فرح الله جل وعلى بتوبتك فرح احسان وعز ولطف، لافرحة محتاج إلى توبة عبده، تبارك الله وجل الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الامام مسلم
(لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده).
¥