[من مناقب الملك فيصل رحمه الله في الدعوة إلى الإسلام]
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[31 - 08 - 08, 06:16 م]ـ
منقبة للملك فيصل
قدس الله روحه
بقلم الدكتور: محمد تقي الدين بن عبد القادر الهلالي (1)
قبل بضع سنين كنت مقيما في باريس، عند أحد الإخوان من الموحدين. وكنت قد سمعت بأن الطبيب الجراح الشهير الدكتور موريس بوكاي، ألف كتابا بين فيه أن القرآن العظيم، هو الكتاب الوحيد الذي يستطيع المثقف ثقافة علمية عصرية، أن يعتقد أنه حق منزل من الله تعالى، ليس فيه حرف زائد، ولا ناقص، وقلت للأخ الذي أنا مقيم عنده، أريد أن أزور الدكتور الشهير موريس بوكاي، لأعرف سبب نصرته لكتاب الله، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبني بل ذهب إلى الهاتف "التليفون"، وتكلم مع الدكتور موريس بوكاي، وقال له: إن عندي الدكتور محمد تقي الدين الهلالي البالغ من العمر سبعا وثمانين سنة، يريد أن يزورك، ويتحدث معك.
فقال له: أنا أزوره الآن، وبعد قليل طرق الباب فذهب صاحب البيت وفتح الباب، فإذا الدكتور موريس بوكاي قد جاء، فدخل علينا ففرحنا بزيارته وقلت له: أرجو من فضلك أن تحدثنا بسبب تأليفك لكتابك: (التوراة والإنجيل والقرآن، في نظر العلم العصري) فشرع يتكلم فقال لي: إنه كان من أشد أعداء القرآن والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وكان كلما جاءه مريض مسلم محتاج إلى علاج جراحي يعالجه، فإذا تم علاجه وشفي يقول له: ماذا تقول في القرآن، هل هو من الله تعالى، أنزله على محمد، أم هو من كلام محمد نسبه إلى الله افتراء عليه؟ قال: فيجيبني هو من الله ومحمد صادق، قال: فأقول له: أنا أعتقد أنه ليس من الله وأن محمدا ليس صادقا، فيسكت، ومضيت على ذلك زمانا حتى جاءني الملك فيصل بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية. فعالجته علاجا جراحيا حتى شفي، فألقيت عليه السؤال المتقدم الذكر، فأجابني: بأن القرآن حق، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق. قال: فقلت له: أنا لا أعتقد صدقه. فقال لي الملك فيصل: هل قرأت القرآن؟ فقلت: نعم قرأته مرارا وتأملته.
فقال لي الملك فيصل: هل قرأته بلغته أم بغير لغته، أي بالترجمة فقلت: أنا ما قرأته بلغته، بل قرأته بالترجمة فقط، فقال لي: إذن أنت تقلد المترجم، والمقلد لا علم له؛ إذ لم يطلع على الحقيقة، لكنه أخبر بشيء فصدقه، والمترجم ليس معصوم منه الخطأ والتحريف عمدا، فعاهدني أن تتعلم اللغة العربية وتقرأه بها، وأنا أرجو أن يتبدل اعتقادك هذا الخاطئ.
قال: فتعجبت من جوابه، فقلت له: سألت كثيرا قبلك من المسلمين، فلم أجد الجواب إلا عندك.
ووضعت يدي في يده وعاهدته على أن لا أتكلم في القرآن، ولا في محمد إلا إذا تعلمت اللغة العربية، وقرأت القرآن بلغته، وأمعنت النظر فيه، حتى تظهر لي النتيجة بالتصديق، أو بالتكذيب.
فذهبت من يومي ذلك إلى الجامعة الكبرى بباريس، إلى قسم اللغة العربية، واتفقت مع أستاذ بالأجرة أن يأتيني كل يوم إلى بيتي، ويعلمني اللغة العربية ساعة واحدة، كل يوم حتى يوم الأحد الذي هو يوم الراحة، ومضيت على ذلك سنتين كاملتين لم تفتني ساعة واحدة، فتلقيت منه سبعمائة وثلاثين درسا، وقرأت القرآن بإمعان، ووجدته هو الكتاب الوحيد، الذي يضطر المثقف بالعلوم العصرية، أن يؤمن بأنه من الله، لا يزيد حرف ولا ينقص، أما التوراة والأناجيل الأربعة فيها كذب كثير لا يستطيع عالم عصري أن يصدقها.
انتهى ما دار بيني وبينه من الحديث في هذا الشأن.
وكان في الحاضرين شاب مغربي، تعلم الطب في المغرب، وبعث إلى فرنسا ليتدرب، فقال للدكتور موريس بوكاي: إن القرآن يقول في آخر سورة لقمان {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان الآية 34] ويقول علماء المسلمين إن هذه الخمس لا يعلمها إلا الله، وعلماء هذا العصر يعلمون ما في الأرحام. فغضب الدكتور موريس بوكاي. وقال: هذا كذب، ها أنت تدعي أنك طبيب فتعال معي إلى المستشفى الخاص بي وأعرض عليك نساء حوامل، فأخبرني بما في بطونها، بدليل علمي.
¥