ظل متوسط الأجر الحقيقي في الولايات المتحدة ثابتاً لمدة عشرين عاماً، في حين استأثر 1% من السكان بالمكاسب الناجمة عن نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 50% أثناء نفس الفترة. ولقد أدى هذا إلى "تحرير" قدرٍ ضخم من السيولة التي تم توجيهها نحو الأنشطة المالية، والمقامرة، والمضاربة. وفي فرنسا فقط، خلال العشرين عاماً الماضية، ضُخَ حوالي 2.5 تريليون يورو في شرايين عالم المال، وهو ما يشير إلى إجمالي يتراوح ما بين ثلاثين إلى ستين تريليون دولار بالنسبة للاقتصاد العالمي ككل.
وكان هذا مصحوبا بتنامي الفساد الأخلاقي للنظام. فقد بلغت مكافآت رؤساء الشركات الآن ثلاثمائة إلى خمسمائة ضعف متوسط أجر الموظف العادي، بعد أن كانت النسبة أربعين إلى واحد فقط طيلة قرن ونصف القرن من الزمان قبل العام 1980. وفي مختلف أنحاء العالم يتزايد عدد الشركات التي تواجه مشكلات قانونية خصوصاً بمختلف أنواع الاحتيال بصورة درامية.
ومن المؤسف أن الأسوأ لم يأت بعد. فبسبب ركود وتآكل دخول أغلب الناس بينما تتضخم أقساط رهنهم العقاري، أصبح من المحتم حدوث هبوط حاد في الاستهلاك، الأمر الذي لا بد وأن يؤدي بالتالي إلى انخفاض معدلات النمو والتوظيف. ولسوف يؤدي الكساد إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار في العمل وارتفاع معدلات البطالة، الأمر الذي لابد وأن تنشأ عنه توترات اجتماعية، وبالطبع لن تساعد هذه التوترات في تخفيف حدة الأزمة المالية. كل الشواهد تشير إلى عاصفة قوية وطويلة من الانحدار الاقتصادي والاضطرابات الاجتماعية.
يعيش أهل العالم المتقدم في ظل أنظمة ديموقراطية. فكل أربع أو خمس سنوات يحتاج النظام إلى إعادة تأكيد شرعيته من خلال الانتخابات. ولكن هل بات النظام فاقداً لشرعيته بسبب الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية إلى الحد الذي يجعل من الانتخابات عملية غير ذات جدوى؟
مما لا شك فيه أن الرأسمالية تظل أكثر توافقا مع الحرية الشخصية مقارنة بالشيوعية في أي هيئة كانت عليها في أي وقت مضى. بيد أنه من الواضح الجلي الآن أن الرأسمالية أصبحت غير مستقرة إلى الحد الذي يجعلها عاجزة عن الاستمرار بدون ضوابط عامة صارمة. لهذا السبب فقد حان وقت عودة المشروع الديموقراطي الاجتماعي إلي مقدمة الساحة السياسية، بعد أعوام من إهماله كخيار عملي وممكن.
*رئيس الوزراء الفرنسي وزعيم الحزب الاشتراكي سابقاً،
وعضو في البرلمان الأوروبي حالياً. حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت،
2008 «صحيفة الجزيرة»
ـ[صالح العقل]ــــــــ[26 - 09 - 08, 08:46 ص]ـ
الانهيار المالي يتعمّق .. / مايكل روبرتز
عن " Socialist Appeal"
بينما أكتب، تتعرّض الأسواق الماليّة في وول ستريت، ونيويورك، ولندن، وفي أنحاء العالم للاضطراب. فخلال 24 ساعة، اختفى مصرفان من أكبر أربعة مصارف استثماريّة في الولايات المتّحدة. وأعلن «ليمن بروذرز»، الذي بقي في السوق لمدّة 158 سنة، إفلاسه وخسر 25.000 أجير حول العالم، وظائفهم. كما استولى «بنك أوف أميركا»، وهو من أكبر البنوك الأميركيّة، على أهمّ المصارف الاستثماريّة في العالم: «ميريل لينش». وفعلياً، أمرت السلطات الماليّة الأميركيّة «بنك أوف أميركا» بتبنّي «ميريل لينش» ودفعت 50 مليار دولار لها في المقابل.
ولو لم يحصل ذلك، لأفلس هذا المصرف أيضاً، وكان حصل الأسوأ للرأسماليّة وهو قصور «ليمن» و «ميريل لينش» عن تطبيق عقودهما والتزاماتهما، ما كان سيؤدّي إلى إفلاس عدد آخر من المصارف، في وقتٍِ تتردّد فيه شائعات عن أنّ 15 مصرفاً هي في مأزق حالياً.
ومع إفلاس مصرف « BEAR STEARNS» في آذار الماضي، اختفت 3 من أكبر خمسة مصارف استثماريّة في الولايات المتّحدة في دخان الأزمة الماليّة.
إضافةً إلى ذلك، أعلنت أكبر شركة تأمين أميركيّة AIG حاجتها لمبلغ 40 مليار دولار خلال ساعات، تحت طائلة الإخلال بالتزاماتها. وطلبت قرضاً من الاحتياط الفدراليّ قبل فوات الأوان!
¥