تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخي الفاضل ..

الأمر دين، ولا ينبغي أن يستزل الشيطانُ الواحد منّا بدعوى النقاش العلمي (يزعم) فيقول على الله بغير علم، ويثير الناس ويشككهم في أمور دينهم.

وأول ما أحب أن ألفت نظرك إليه أن هذه مسألة شرعية، تتعلق بعبادة المسلمين، وهذا يعني أنها تطلب في كتب علوم المسلمين بالأصالة، لا أن تُنقَل الأخبار من هنا وهناك في المواقع على الشبكة ونحوها ويكتفى بذلك.

ولو أنك كلفت نفسك ونظرت في كتاب فقه لرأيت أنّ المسلمين يثبتون دخول شهر رمضان - مثلا - بشهادة رجل واحدٍ عدلٍ، أو بعدلين اثنين كسائر الشهور.

وأنهم يوجبون الصيام على عامة الناس إذا حكم قاضي المسلمين بقبول قول هذا العدل.

إذا علمتَ ذلك فاعلم يرحمك الله أنه على التسليم بأنّ كلَّ من ذكرتَ من البلدان إنما حكموا بثبوت الهلال تبعًا للسعودية فإنّ ذلك لا شيء فيه البتة، وليس مما يعاب.

أما تشكيكك في شهادة من رأى الهلال فزلة منكرة وهفوة عظيمة ينبغي استحداث توبة لها!

فكأنك لا تعلم أن في الدنيا ما يسمّى بـ (مجلس القضاء الأعلى)، وهي هيئة شرعية تعنى بمثل هذه الوظائف القضائيّة ..

وحكمهم الذي يصدرون عنه يعمل به الآلاف من المسلمين، فإذا جاء - والحال كما وصفتُ- بعض عوام المسلمين أو طلبة العلم ليقول على الملإ (إني أظنّ أن الشهود على الهلال من المجاهرين بالمعاصي)

ويتسائل: (أليست العدالة شرطًا) ..

على الرغم من المسافة الشاسعة التي تفصل بينه وبين الشاهد ومَن قَبِلَ شهادتَه من أهل العلم؛ فهذا والله من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.

وفوق ذلك فهو خوض في أعراض الشهود بغير تثبّت.

واعلم رحمك الله أنك بذلك قد عيّنتَ من تكلمتَ فيه ورميته بالمجاهرة بالمعصية ..

وليس شرطًا أن تذكر أسماءهم حتى تكون عيّنتهم، فقد ذكرتهم بأوصافهم الكاشفة التي لا يشترك معهم فيها أحد ..

وهذا منك كتسميتهم تمامًا بلا فرق.

أنت تقول: الشاهد على رؤية هلال شهر شوال لعام 1429 من المجاهرين بالمعاصي، وأظنهم من المدخنين، ولا ينبغي قبول شهادتهم لأن العدلة شرط، وقد سقطت شهادتهم ..

هذا معنى كلامك ..

وهذا تعيين بلا شك، وفيه رمي بالكبائر بغير بينة غير الظن الذي هو إثم وأكذب الحديث سلّمك الله من كل مكروه ..

فلا تكن طعّانًا في أعراض المسلمين بلا برهان سلمك الله ..

واعلم أيضًا أن قولتك هذه فيها الحطّ ممن قبل شهادة الشاهد أيضًا، فكأنك تلمح إلى تساهلهم في التحقق من شرط العدالة في هذا الأمر الذي من مهمّات دين المسلمين ..

فهم يقولون: (ثبت شرعًا)، وأنت تقول: لا لم يثبت، والشهود غير عدول!

وهذا من أعظم البلايا والرزايا عفا الله عنك وغفر لك وهدانا وإياك ..

ولو أنك قلت وهِمَ الشهود أو أخطئوا لكان لك مخرج ضعيف هزيل، أما ما قلتَه فمصيبة لما سبق بيانه.

وقد كنت أظن أنك ستراعي التحقق من صدق ما تنقله من أخبار في شأن الهلال ما دمت تعلم أن عدالة الشهود شرط ..

لكنك اكتفيت بنقل خبر أن هذه البلاد كلها تبعت السعودية مصدّقا الخبر، وتطلب منا أن نصدّق الخبر، ونحن لا نعرفك ولا نعرف صاحب الخبر!

وأنا أقول مثلك: أليست العدالة شرطًا؟!!

وعلى حدّ قولك نحن في زمن يحلف الرجل من غير أن يُستحلف ..

فهل لذلك تطلب منا أن نقبل هذا الخبر المرسل الذي جئتنا به وأنت نفسك لا تدري من أين وكيف، ونترك القضاة من علماء المسلمين؟؟

أي كارثة هذه؟!

نعم بعض هذه الدول قد صرح بمتابعته لغيره، وقد نقلتُ ذلك بنفسي في هذا الموضوع.

أما بخصوص علي جمعة؛ فلست أريد أن يطول الأمر في الكلام حوله، جزاك الله خيرا على النصيحة، على أنني ما تكلمتُ فيه إلا ببيّنة ولفائدة.

أما البينة فحاضرة لا تخفى، والذي أعتقده ويعتقده أهل العلم والصلاح والديانة في مصر أن الرجل مستعلن بالحرب على السنة والتوحيد، مجاهر بالشركيات يطلّ علينا بها في مصر بصفة مستمرة، وهو كذّاب أشر من أكذب الناس.

وفائدة التذكير بذلك في هذه الأوقات خصوصًا أن يعلم المسلمون أن مثل هذا الرجل لا يؤتمن على دين الله، لا في إثبات دخول الشهر ولا خروجه!

ولا فيما هو أدون من هذا.

وإذا كان أهل العلم يقولون تصح الشهادة على الشهادة بدخول الشهر، فمثل علي جمعة الذي يشهد على شهادة أتباعه؛ ممن لا يثبت الخبر بمثله شرعًا، ولا تقبل شهادته قطعًا؛ فإنه والله كذّاب يتبجّح بالكذب!

ولازال أهل الخير من طلبة العلم وأهله يتضاحكون ويتعجّبون من دعواه أنه حتى ابن تيمية كان أشعريًا ويعزو على موضع من مناظرة الواسطية لشيخ الإسلام من المجلد الثالث من الفتاوي!

نشر ذلك في جريدة الأهرام القاهرية الرسمية .. وهو يعلم أنه كذاب .. وأنه مفضوح عند طلبة العلم!

لكن لله في خلقه شئون!

تنبيه:

رؤي الهلال في أمريكا أيضًا كما أخبر بذلك الشيخ الفاضل أبو خالد السلمي حفظه الله، والحمد لله رب العالمين.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير