[قصيدة في مدح مكة والمدينة]
ـ[أبو مسلم الشنقيطي]ــــــــ[05 - 10 - 08, 08:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه قصيدة للشيخ محمد بن محمد المامي الشنقيطي صاحب مرقاة الأصلين في نظم ورقات إمام الحرمين وصاحب نظم شذور الذهب، وهي في مدح مكة والمدينة:
بلاد شفيع الخلق هيجت لي الذكرى
ولا شام لي إلا رباك ولا مصرا
بلاد نزول الوحي والنور والهدى
ونيل المنى والفتح والنصر والإسرا
فما علقت نفسي من الارض غيرها
وأحببت من أرجائها السهل والوعرا
فياليتني في تربة مسها النبي
سجدت ولم أرفع جبيني بها دهرا
وياليتني صادفت موضع رجله
بحر جبيني واقتفيت له اثرا
فياعاذلي مهلا رويدك إنني
وصلت فلا التحذير يجدي ولا الإغرا
أتحسبني أبكي الطلول بمربع
لذات لمى حسناء فاتنة عذرا
منعمة تسبي الحليم سلوتها
أتعذرني أم لست تقبل لي عذرا
فطوبي لمن بين المقام وزمزم
وملتزم يغشى من الحَجَر الحِجْرا
لمسعى الصفا للمروة الحرم الذي
نجوب إلى بطحائه البر والبحرا
تسح روايا المزن لاغب جودها
علينا بجنب البيت لانتقي القطرا
أراني بحمد الله في خير بلدة
أري كل أرض غيرها بلقعا قفرا
أأم من البيت العتيق محمدا
من ام القرى أسعى إلى طيبة الغرا
ودوية يهما بها جيف الحسرى
سريت بها ليلا إلي خير من أسرى
ولما تراءت دور طيبة بالضحى
وفاح نسيم طيب يثلج الصدرا
ولاحت لعيني من رباها منازل
تلقت فؤادي بالتحية والبشرى
وبالقبة الخضراء قرت نواظري
ولاشيء أشفى لي من القبة الخضرا
وخامرني حال من المشهد الذي
شهدت فلا أبغي به الشهد والخمرا
أمسجد خير العالمين محمد
بركنك شأن ما أحاطوا به خبرا
محط رحال لم تحط بمثله
وملقى عصي لم نزل دونه سفرا
أيا حارس القبر المنير وليتني
مكانك دعني لحظة أرمق القبرا
واقرؤه مني السلام ومن ذوي
محبته من حيث يحسن أن يقرا
وهذا بقيع الغرقد ازدان ريعه
بمن حول عباس وفاطمة الزهرا
وذلك أحد إننا لنحبه
و من شهدوا أحدا ومن شهدوا بدرا
وتلك ثنيات الوداع التي بدا
نبي الهدى منها لانصاره بدرا
قباء وسلع ذو الحليفة حبذا
مهل رسول الله أعظم به قدرا
فلبيك أللهم لبيك من ربى
ألم بها الهادي ولبى بها جهرا
وقال خذوا عني مناسككم علي
أمون تباهي كل نضاخة الذفرى
سقى المسبل الجون الاباطح من منى
إلي عرفات حيثما أزمعوا النفرا
وقفنا بها يوم العروبة علنا
نحط بها عنا المآثم والوزرا
جموع لدى جمع تحط رحالها
تحلت بها الاجبال تفترش العفرا
ترامى بها في ساحة المشعر السري
تدافع شعثا خشعا سهما غبرا
تعد ليوم الحج الاكبر عده
مغلسة والموعد الجمرة الكبرى
إلى مسجد الخيف المنازل من منى
إلى حيث تقضي الرمي والحلق والنحرا
ليطوفوا بالبيت إذ تفثا قضوا
فأوفوا بما أدوا من النسك النذرا
ولما أفضنا ثم عدنا إلى منى
قضينا بواديها لياليها الغرا
فلله عينا من رأى ثم منظرا
بديعا وليت الحشد ذكره الحشرا
إذا ما نأت شنقيط عن هذه الربى
وكانت بأقصا الغرب في أعمق الصحرا
فإن بها من وحشة البين أنفسا
لواعجها تذكى مدامعها تذرى
وأفئدة تهوي إليها صبابة
وألسنة تهدي لها النظم والنثرا
عليك بها فهي البلاد وأهلها
كرام بها نالوا السعادة والفخرا
ورتل كتاب الله في أرضه التي
تنزل فيها واسمع السنة الغرا
تقبل إلهي حجنا واعتمارنا
وأعمارنا اعمرها بما يسعد العمرا
وأيد ووفق للهدى من أعاننا
ويسره لليسرى وأعظم له أجرا
وصير منانا في مراد نبينا
عليه صلاة الله واكفة تترا
وأصحابه والآل ما ذر شارق
وغنى حمام الورق في أيكة خضرا
وما أينع الروض الذى اخضل نبته
وفاح نسيم الورد من زهره عطرا