تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنهما - قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قُلْتُ: وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ.

وكانت شجاعة مهيبة، لا تخشى بأسًا، قَالَ هشام بن عروة: كثر اللُّصوص بالمدينة، فاتخذت أسماء خِنْجَرًا زمن سعيد بن العاص: كانت تجعله تحت رأسها، فقيل لها ما تصنعين بهذا؟ قالت: إن دخل علي لصٌ بعجت بطنه - وكانت عَمْياء.

وكانت عظيمة القدر شديدة المراس، احتسبت ولدها قبل قتله عند الله - سبحانه وتعالى -.

عن عُروة بن الزبير قَالَ: دخلت أنا وعبد الله بن الزبير على أسماء قبل قتل ابن الزبير بعشرِ ليال، وإنها وَجِعَةٌ، فقال عبد الله: كيف تجدينك قالت: وجعة، قَالَ: إِنَّ في الموت لعافية. قالت: لعلك تَشْتَهِي موتي فلذلك تتمناه؟! فلا تفعل! فالتفتت إلى عبد الله فضحكت، وقالت: والله ما أشتهي أن أموت حتى يأتي على أحد طرفيك: إما أن تُقْتَل فأحتسبك، وإما أن تظفر فتقر عيني عليك، وإياك أن تعرض خطة فلا توافق، فتقبلها كراهية الموت، وإنما عني ابن الزبير أن يُقْتَل فيحزنها ذلك - وكانت ابنة مائة سنة.

ولما قُتل وصلب كانت صابرةً محتسبة، ولم تخش من صولة الحجاج وبطشه، بل واجهته بما لا يحب.

عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَمُرُّ عَلَيْهِ وَالنَّاسُ .. ثُمَّ أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ إِلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَأَبَتْ أَنْ تَأْتِيَهُ، فَأَعَادَ عَلَيْهَا الرَّسُولَ لَتَأْتِيَنِّي أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكِ مَنْ يَسْحَبُكِ بِقُرُونِكِ، فَأَبَتْ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا آتِيكَ حَتَّى تَبْعَثَ إِلَيَّ مَنْ يَسْحَبُنِي بِقُرُونِي: فَقَالَ: أَرُونِي سِبْتَيَّ فَأَخَذَ نَعْلَيْهِ ثُمَّ انْطَلَقَ يَتَوَذَّفُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بِعَدُوِّ اللَّهِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ. بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ لَهُ يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ! أَنَا وَاللَّهِ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكُنْتُ أَرْفَعُ بِهِ طَعَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَطَعَامَ أَبِي بَكْرٍ من الدَّوَابِّ، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَنِطَاقُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ، أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَنَا: أَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا. فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَلَا إِخَالُكَ إِلَّا إِيَّاهُ، فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا.

وَقِيلَ لِابْنِ عُمر: إِنَّ أَسْمَاءَ فِي نَاحِيةِ الْمَسْجِد - وَذَلِكَ حِينَ صُلِبَ ابْنُ الزُّبير -فَمَالَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِه الْجُثَثُ لَيْسَتْ بِشَيءٍ، وَإِنَّمَا الأَرْوَاحُ عِنْدَ الله، فَاتَّقِي الله وَاصْبِرِي، فَقَالَتْ: ومَا يَمْنَعُنِي وَقَدْ أُهْدِي رَأسُ يَحْيى بْنِ زَكَرِيّا إِلَى بَغِي مِنْ بَغَايا بَنِي إِسْرَائِيل.

وقد جاءت أسماء حتى وقفت عليه؛ فدعت له طويلا، ولا يقطر من عينها دمعة، ثم انصرفت - رضي الله عنها -، وماتت بعده بليال.

وكانت - رضي الله عنها - صَوّامة قوامة، لا تفتر من العبادة حتى ماتت.

عن عبّاد بن حمزة قَالَ: دخلت على أسماء وهي تقرأ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)} [سورة الطور: 27] قَالَ: فوقفت عليها؛ فجعلت تستعيذ وتدعو، قَالَ عَبّاد: فذهبت إلى السُّوق فقضيت حاجتي؛ ثم رجعت وهي فيها بعد تستعيذ وتدعو.

عمر بن عبد العزيز:

أمير المؤمنين كان أوحد أمَّته في الفضل، ونجيب عشيرته في العدل، جمع زهدًا وعفافًا وورعًا وكفافًا، شغله آجل العيش عن عاجله، كان - رحمه الله - للرعية أمنًا وأمانًا، كان عالِمًا عابدًا مفهمًا حكيمًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير