تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قيل للربيع ابن خُثَيْم: ألا ندعوا لك طبيبًا؟! قَالَ: أَنْظِروني فتفكر ثم قَالَ: " وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا " قَالَ: فذكر حرصهم على الدُّنيا ورغبتهم، وما كانوا فيها، وقال: قد كانت فيهم أطباء، وكان فيهم مرضى، فلا أرى المداوي بقى، ولا أرى المداوى، وأهلك النّاعت والمنعوت، لا حاجة لي فيه.

عن أبي وائل قَالَ: خرجنا مع عبد الله بن مسعود، ومعنا الرَّبيع بن خُثَيْم، فمررنا على حداد، فقام عبد الله ينظر إلى حديدة في النَّار، فنظر ربيع إليها فتمايل ليسقط، فمضى عبد الله حتى أتينا على أتون على شاطئ الفُرَات؛ فلمّا رأى عبد الله والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية {إِذَا رَأَتْهُم من مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13)} [سورة الفرقان: 12 - 13] قَالَ: فصعق الرَّبيع؛ فاحتملناه فجئنا به إلى أهله، قَالَ: ثم رَابطه إلى المغرب فلم يفق، ثم إنه أفاق؛ فرجع عبد الله إلى أهله.

وعن عبد الرحمن بن عجلان قَالَ: بِتُّ عند الرَّبيع بن خُثَيْم ذات ليلة، فقام يُصَلِّي فمر بهذه الآية: {أَمْ حَسِبَ الَّذين اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)} [سورة الجاثية: 21]

فمكث ليلته حتى أصبح، ما جاوز هذه الآية إلى غيرها ببكاءٍ شديد.

وكان الرَّبيع يقول: أكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله، ولما احتضر الربيع؛ بكت ابنته، فقال: يا بنية، لم تبكين؟ قولي: يا بشراي أتى الخير.

عطاء بن أبي رباح:

الإمام العلم، فقيه الحرم، مفترش الجنبين لا يعبأ بالألم، الذي دَلَّ عليه ابن عمر لما نزل البيت مستلم.

عن سعيد بن أبي الحسن البصري قَالَ: قَدِمَ ابن عمر مكة، فسألوه. فقال: تجمعون لي المسائل؛ وفيكم عطاء بن أبي رباح.

قَالَ ابن جريج: كان المسجد فِراش عطاء عشرين سنة، وكان من أحسن النَّاس صَلاة.

قَالَ الأصمعي: دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك، وهو جالس على السَّرير، وحوله الأشراف، وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته، فلما بصر به عبد الملك، قام إليه وسلم عليه، وأجلسه معه على السَّرير، وقعد بين يديه، وقال: يا أبا محمد ما حاجتك؟ قَالَ: يا أمير المؤمنين، اتق الله في حرم الله، وحرم رسوله، فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور، فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين، فإنك وحدك المسئول عنهم، واتق الله فيمن على بابك فلا تغفل عنهم، ولا تغلق دونهم بابك، فقال له: أفعل، ثم نهض وقام، فقبض عليه عبد الملك، وقال: يا أبا محمد، إنما سألتنا حوائج غيرك، وقد قضيناها، فما حاجتك؟ قَالَ: ما لي إلى مخلوق حاجة، ثم خرج، فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشَّرَف، هذا وأبيك السُّؤدد.

وعن عَطِاءٍ قَالَ: لو ائتمنت عَلَى بَيْتِ مَالٍ لكنت أمينًا، ولا آمن نَفْسِي على أَمَةٍ شَوْهاء.

قُلت -أي الذَّهبي: صدق - رحمه الله - ففي الحديث؛ "أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ.

وعن ابن جريج قَالَ: لَزِمت عطاء ثماني عشرة سنة، وكان بعد ما كبر وضعف، يقوم إلى الصَّلاة فيقرأ مئتي آية من البقرة، وهو قائم لا يزول منه شيء ولا يتحرك.

قَالَ عمر بن ذر: ما رأيت مثل عطاء بن أبي رباح، وما رأيت عليه قَمِيصًا قط، ولا رأيت عليه ثوبًا يساوي خمسة دراهم.

الأسود بن يزيد:

كان مجتهدًا في العبادة، يصوم حتى يخضر جسده ويصفر، وكان علقمة بن قيس يقول له: لم تعذِّب هذا الجسد؟! فيقول: راحة هذا الجسد أريد، فلمّا احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قَالَ: مَالِي لا أجزع؟! ومن أحق بذلك مني؟! والله لو أتيت بالمغفرة من الله - عز وجل -؛ لهمني الحياء منه مما قد صنعته، إن الرجل ليكون بينه وبين الرَّجل الذنب الصغير، فيعفو عنه؛ فلا يزال مستحيًا منه. ولقد حجَّ الأسود ثمانين حجة.

طاوس بن كيسان:

الفقيه إمام أهل اليمن النُّجباء، طاوس الزُّهاد والعلماء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير