تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ إسماعيل بن عياش: ما على وجه الأرض مثل عبد الله بن المبارك، ولا اعلم أن الله خلق خَصْلَةً من خصال الخير إلا وقد جعلها في عبد الله بن المبارك، ولقد حدثني أصحابي أنهم صحبوه من مصر إلى مكة فكان يُطعمهم الخبيص، وهو الدهر صائم.

وكان عابدًا زاهدًا ورعًا، يُخْفِي ذلك ما استطاع.

قَالَ محمد بن الوزير - وصي ابن المبارك -: كنت مع عبد الله في المحمل فانتهينا إلى موضعٍ بالليل وكان ثم خوف، قَالَ: فنزل ابن المبارك، وركب دابته حتى جاوزنا الموضع فانتهينا إلى نهر، فنزل عن دابته وأخذت أنا مقودته واضطجعت، فجعل يتوضأ ويصلي، حتى طلع الفجر؛ وأنا أنظر إليه، فلما طلع الفجر ناداني، قَالَ: قُمْ فتوضأ، قَالَ: قلت: أنا على وضوء، فركبه الحزن حيث علمت أنا بقيامه، فلم يُكلمني حتى انتصف النهار، وبلغت المنزل معه.

وقال الحسن بن عرفة: قَالَ لِي ابن المبارك: استعرت قلمًا بأرض الشّام فذهبت على أن أرده إلى صاحبه، فلمّا قدمت مرو نظرت فإذا هو معي، فرجعت إلى الشّام حتى رددته على صاحبه.

لقد ملك ابن المبارك القلوب بدينه وسخائه حتى فاقت شهرته الرَّشيد.

قدم أمير المؤمنين الرَّشيد الرقة، فانجفل النَّاس خلف ابن المبارك، وتقطعت النِّعال، وارتفعت الغبرة، فأشرفت أم ولدٍ لأمير المؤمنين من برج من قصر الخشب، فقالت: من هذا؟ قالوا: عالم من أهل خراسان قَدِم، قالت: هذا والله الملك؛ لا ملك هارون الذي لا يجمع النَّاس إلا بشرطٍ وأعوان.

حسان بن أبي سنان:

حافظ الطرف واللسان، ثابت القلب و الجنان، من رآه خاله أبدًا مريضًا، خفي العبادة دائم الطّاعة.

قالت امرأة حسّان بن أبي سنان: كان يجيئني فيدخل معي في فراشي ثم يخادعني كما تخادع المرأة صبيها، فإذا عَلِم أني قد نمت سَلَّ نفسه فخرج، ثم يقوم فيصلي، قالت: فقلت له: يا أبا عبد الله! كم تُعذب نفسك! ارفق بنفسك، قَالَ: اسكتي! ويحك، يُوشِكُ أن أرقد رقدة لا أقوم منها زمانًا.

وخرج حسّان يوم العيد، فلمّا رجع قالت له امرأته: كم من امرأة حسنة نظرت إليها اليوم ورأيتها، فلمّا أكثرت، قَالَ: ويحك! ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت من عندك حتى رجعت إليك.

قيل له: في مرضه الذي مات فيه كيف تجدك؟! قَالَ: بخيرٍ إن نجوت من النار، فقيل: له فما تشتهي؟ قَالَ: ليلة بعيدة ما بين الطرفين؛ أُحيى ما بين طرفيها.

الحسن بن صالح حي:

الفقيه العابد، والعالم الزاهد، محيي الليل بالقرآن طارت بسيرته الرُّكبان.

فعن أبي سليمان الدّاراني قَالَ: ما رأيت أحدًا الخوف والخشوع أظهر على وجهه من الحسن بن حي، قام ليلة حتى أصبح ب {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [سورة النبأ: 1] يُردد آية فغشي عليه؛ ثم عاد إليها فغشي عليه، فلم يختمها حتى طلع الفجر.

وكان لهم - يعني لآل الحسن بن صالح بن حي -خادم يخدمهم، فاحتاجوا إلى بيعها فباعوها، فلما كان في أول الليل ذهبت وألحت على مولاها تقيمه، وتقول: ذهب الليل! مرة بعد مرة، حتى أضجرته فصاح بها، قالت: فلمّا أصبحت ذهبت إلى عند الحسن، فقالت: يا سبحان الله! ما كان يجب عليكم فيما خدمتكم أن تبيعوني من مسلم! فقال الحسن: سبحان الله! وما له؟ قَالَت: انتظرت ليقوم ليتهجد فلم يفعل، فألححت عليه فزبرني وشتمني، قَالَ: فَصَاحَ يا علي! وقال: ما تعجب من هذه! اذهب فتسلف ثمنها من بعض إخواننا وأعتقها.

قَالَ وكيع بن الجراح: كان علي والحسن ابنا صالح بن حي وأمهم قد جزَّؤوا الليل ثلاثة أجزاء، فكان عليُّ يقوم الثلث، ثم ينام، ويقوم الحسن الثلث، ثم ينام، وتقوم أمهما الثلث، فماتت أمهما، فجزءا الليل بينهما، فكانا يقومان به حتى الصّباح، ثم مات علي، فقام الحسن به كله.

أبو سليمان الداراني:

كان مداومًا على العبادة، ملازمًا للطاعة، شغله هم الآخرة عن كُلِّ هم.

عن أبي سليمان الدَّراني قَالَ: إنما هانوا عليه فعصوه، ولو كرموا عليه لمنعهم منها.

وقال: إذا وصلوا إليه لم يرجعوا عنه أبدًا، إنما رجع من رجع من الطَّريق.

وعن أبي سليمان الدَّراني يقول: بينا أنا ساجد إذ ذهب بي النَّوم، فإذا أنا بها يعني الحوراء قد ركضتني برجلها، فقالت: حبيبي ترقد عيناك والملك يقظان ينظر إلى المتهجدين وتهجدهم، بؤسى لعينٍ آثرت لذَّة نومة على لذة مناجاة العزيز، قم فقد دنا الفراغ، ولقي المحبون بعضهم ببعض فما هذا الرُّقاد، حبيبي وقرة عيني أترقد عيناك وأنا أُرَبّى لك في الخدور منذ كذا وكذا، فوثبت فزعًا، وقد عرقت استحياءً من توبيخها إياي، وإن حلاوة منطقها لفي سمعي وقلبي.

ـ[أبو زيد أسامة الليبي]ــــــــ[30 - 07 - 07, 06:24 م]ـ

جزاكم الله خيرا ...

ـ[عبدالله العبدالرحمن]ــــــــ[31 - 07 - 07, 02:59 ص]ـ

بارك الله فيك

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[09 - 08 - 07, 08:32 م]ـ

جزاكم الله خيرا ...

واياكم

ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[10 - 08 - 07, 01:08 ص]ـ

أخي الفاضل محمد عامر ياسين:

جزاك الله خير الجزاء على إفادتك إخوانَك بهذه الموضاعات الإيمانية، التي ترفع من همة طالب العلم؛ إذ إن الحرص على أعمال القلوب من أصول الشريعة العظيمة.

وفقك الله وسددك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير