تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سجع الكهان ,, للشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي - رحمه الله -]

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[14 - 10 - 08, 02:27 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سجع الكهان

هذه فصول، إن لا تكنْ فيها روح الكاهن ففيها من الكاهن سجْعُه، و إن لا يَجُلْ في جوانبها صَدَى الكهانة ففيها من ذلك الصدى رَجْعه؛ فيها الزمزمة المفصحة، و التعمية المبصرة، و فيها التقريع و التبكيت، و فيها السخرية و التنكيت، و فيها الإشارة اللَّامحة، و فيها اللفظة الجامحة، و فيها العسل للأبرار، و ما أقلَّهم، و فيها اللسع للفجار، و ما أكثرَهم، فلعلها تهزُّ من أبناء العروبة جامدًا، أو تؤزُّ منهم خامدًا، فنجني شيئاً من ثمرة النية، و نغيِّر أواخر هذه الأسماء المبنيَّة.

و في هذه الفصول من لبوس الألفاظ ما يَعُدُّه المتخلفون من كتابنا غريبًا، و ما غرابته في أذواقهم، إلا كغربة الأعلاق النفيسة في أسواقهم؛ و لو حفِظوه ووَعَوْا معانيه و أقروه في مواضعه من كلامهم، و أحسنوا إجراءه في ألسنتهم و أقلامهم - لأحيَوه فحيوا به، ولأصبح مأنوسًا لا غريبًا، و أصبحوا به من لغتهم قريبًا؛ و لكن أعياهم الإحسان، فعفّروا في وجوه الحسان، و عجزوا في جني الثمرة عن الهصْر، فرضُوا من اللغة بما يباع في " سوق العصر" (1)

منشئ الفصول ********

" نحن الكهان، أفراس رهان. منّا السابق المصلى، و منّا الآبق المولى. كنّا إرهاصًا للنبوة، و دليلًا للضعف إلى القوة، فلما جاء الحق، و حيص (2) الشق - اندحرنا و انجحرنا، فلما عادت الكسرويّة إلى شرائعها، و القيصريّة إلى ذرائعها، آن أن نعودَ إلى الإنذار، و نصرخ في وجوههم: حذارِ حذارِ، إن بطش الله لشديد، و إن الحرير قد يفلّ الحديد".

كاهن قديم. ***********

" الكاهن، لا يُدارى و لا يداهن، كلامه رمز، ليس فيه لمز. عاذ غيره بالتصريح فعاد بالتجريح؛ و لاذ هو بالكهانة، فأمِن المهانة. كان ... فكان الزّاجرَ الرّادِع، للفاجر الخادع، و كان ... فكان نذير السارق و المارق، و الخاتل و القاتل، و المحتال و المغتال، و القاذف و الحاذف، و المبتهر و المبتئر (3). تجف قلوبهم إذا نوفروا إليه، و تجفّ لهَوَاتهم إذا وقفوا بين يديه، لاستتارهم بالعيب، و استهتارهم بالغيب، فلما جاء " محمد " بالحق فاء الناس إلى ضمائرهم، و حكموا هدَيه في سرائرهم، و ردُّوا الغيب إلى عالمه فاستراحوا؛ و لكنهم اليوم عادوا إلى الجاهليَّة، و تقلّبوا في أرحام حنظليّة و أصلاب باهليّة، فماذا نصنع؟ أنتقدّم منذرين، أم نتأخّر معتذرين؟ بل نُحي الاسم، و نُميت- كما أمات الإسلام- الرسم".

كاهن عصري. *************

" كلام الكاهن ليس بالواهي و لا الواهن، كأنما وخزه الماء، أو لمستْه السماء، ففيه من الماء إيراق، و فيه من السماء إشراق. شارف مكامنَ الغيوب و لَمَّا .... وورد معين العربية فورد جمًّا. عمر صحائف من ديوان العرب، و كان من شعرهم كالكرب من القَرَب (4)، بل كان هو الشعر في أول أدواره، و كان قارعَ باب البيان و فارعَ أسواره ... اصطنع الكهان السجع ليروقوا السامع و يروعُوه، و ليسهل على الناس فيحفظوه و يَعُوه. و لهم في حوْك الكلام مقامات حِسان، أخذ منها ابن دريد و الهمذاني في تلك المقامات الحسان. سبقوا في السجع فما سبقتهم إلا الحمائم، و أخذوه طبعًا فما لحقهم فيه صنعًا إلا " بعض ذوي العمائم". و ما عدا هذا من الأسجاع، فهي غُصص تتبَعُها أوجاع".

كاهن أديب. ****************

لا أقسم بذات الحفيف، و الجناح الخفيف، المشارفة في جوّها للكفيف (5) و بالسر المودع في التجاويف و التلافيف، و بالمغيرات صبحًا عليها التجَافيف، و المغيرين على الحق كالعاهر ابن العفيف (6). و بالسابغات و السوابغ من الدروع و الجلابيب , و بالآخذين أمس من تلّ أبيب بالتلابيب، و بالبحر و السفينة، و الحبر و " الدفينة" (7)، إن أبا الطيب المتنبي لمَن موالينا، و ممن تلقّى الكهانةَ عن أوالينا، و إنه ما دُعي بالمتنبي (8) إلا لأنه كان شاعراً كاهناً، ليناقض النبي الذي لم يكن كاهنا و لا شاعراً، و قد نُفِيا عن النبي مجتمعيْن، فثبتا في المتنبي مجتمعيْن، و إن كثيراً من شعره كهانةٌ ملتفِّعة بالشعر , يُوطّيها في جُمل، و يُغطيِّها بممدوح أو جَمَل، و ستظهَر أخباؤها، و تُعلم أنباؤها ... و إن قوله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير