تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3. كهمت المضارب: كهمت كلت،و المضرب: ما يُضرب به من السيف و المضارب جمعه.

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[17 - 10 - 08, 10:05 م]ـ

سجع الكهان (4)

أخنى الزمن على اليمن ... أبدلها صابًا بمن ٍ (1)

جيش الشقا لها كمن ... مهزولة على السِّمن

مغصوبة بلا ثمن ... دستورها: لا تفهمن

لا تقرأن لا تعلَمن ... سلْ سِيفها (2) أنت لمن؟

سلْ سَيفها بيد من؟ ... أغْرِبَة على دمن

لا ناصر لا مؤتمن ... عُد للحمى يا ابن اليمن

جُدْ بالدماء غير مَن ... إن لم تذد عنها فمن؟

*******

يا ذا جدَن (3) أيْنَت (4) عدن؟ ... روح جنتْ على البدن

فهو الحوا (5) و هي الفدن ... شر الملا لها سَدَن

قرن البلا فيها شَدَن ... يا نائياً لا تبعدن

يا وانيًا لا تقعدن ... يا ساهياً لا ترقدن

يا خاملاً لا تزهدن ... و لا تغب بل اشهدن

و لا تُدِن ما لم تَدَن ... لا تعتصر في غير دن

تبغي الهُدى على الهدن (6 ... تخشى الردى فلتخلدن

********

يا بلاد الأذواء (7)، لا أقول: وُقيت الأسواء، و لا أقول: سُقيت الأنواء، و لكن أقول: ثكلت الأبناء، يا مطارح الأبناء (8)، فكل أدوائك من أبنائك، و إذا كان الولد سخنة عين و مجلبة عزّ و شين، فالثكل فيه نعمة لا رزية، و العقم به فضل و مزية.

سموك السعيدة فشقيت بمن ولدت، و ما سعدوا و لا سعدت , فأين أنت اليوم ممن كنت سعيدة بهم , و كانوا سعداء بك؟ أين أنت من سعد العشيرة و حماة الأهل و الجيرة؟ أين أنت من حِمْير و أشياعهم و تبّع و أتباعهم؟ أين؟ لا أين ....

أما ظفار، فقد حالفت عهدها الإخفار، و خالف ظلامها الإسفار. و أما حضرموت، فقد ساورها الموت، و جاورها الخسران و الفوت، و حاورها النجيُّ فما سمع لها صوت، و أما صنعا، فما أحسن بنوها صنعاً، قد أصبحتْ خرقاء، و عطلت من طوق الورقاء، و عقمت أن تتمخض عن ألمعيّة (زرقاء)، ما حاكت في عبقريّ الأزمنة و لا وشتْ، و طار الناس فما حبتْ و لا مشت.

انعكست الخصائص و غلبت النقائص، و أعوز الجوَّ الطائر حين أعوز البحر الغائص.

*********

أيها العامد إلى غامد (9)، و الدافع إلى يافع (10)، هلاّ وقفت بالأطلال، من عبد كلال (11)، و هبطت التلاع، من ذي كلاع (12)، فهتفت بالرفات، من الأموات، علَّهم يسمعون فيهطعون، قل- و خلاك ذَمّ – قد دُخلت الدار من جميع الأقطار، فهل من المقاول الصيد، حارس بالوصيد، إن الصائد قيد صيد، و إن الشاعر قد أخلى (13)، فلا بديع في البيت و لا بيت في القصيد.

كذب الرعد، و أخلف الوعد، و أورد الإبلَ سعد، فضاع (قبل) و لم يُحفظ (بعد). فكأنّ امرؤ القيس أورى زندَه، و استعرض مستقبل بني أبيه من كندة، فقال: ودع عنك نهباً صيحَ في حجراته، و ها هي ذي مواطن قومه نهب مقسَّم، و قد كذبت المخايل مَن توسّم.

سل سبأ، هل جاءها النبأ، و قل صدق المثل (14) فيك مرتين، و أعاد التاريخ نفسه كرتين، لقد سار أعقابكم في الزمن الحثيث سيرةً وانية، فبادروا في الجيل الحديث بيدَةً ثانية.

نادِ-مُسمِعاً- في الجمع الراشد، من بكيل و حاشد (15)، فإن أصاخوا إصاخة الناشد، فقل: دهمكم السيل , فلكم الويل، هذه آثار أسلافكم مجفوّة و هذه قدورهم الراسيات مكفوّة، و هذه الرقاع , من البقاع , غير مُلْتامة و لا مرفُوَّة، طمست السوافي، ما خلّدت القوافي، و هفت الهوافي , بالقوادم و الخوافي، و فرَست العوافي (16) ما نامت عنه العيون الغوافي (17)، ماتت الأذواء و عاشت الأذواد، و ذهبت الأقيال (18) و بقيت الأقياد.

إن الزمان الذي جرَّ إلى جُرْهُم، و خثا على خثعم، قبل أن يأتيهم بنذير، أو يبلوهم بتحذير، قد جاءهم من الغرّة بعذير: أما اليمانُون فلهم من الإسلام محجّة، و عليهم من زمانهم ألف حجّة، فهم كثمود، حين لاح لهم من البرهان عمود، فضلّوا، أو كقوم هُود، حين أخذت عليهم العهود، فزلّوا.

كاهن الحي

ـــــــــــــــــ

• نشرت في العدد 72 من جريدة (البصائر) 21 مارس سنة 1949.

1. الصاب: مر، و المن قرين السلوى في القرآن.

2. سِيف البحر بكسر السين ساحله، و السيف الثاني واحد السيوف و هو معروف.

3. ذو جدن من أذواء اليمن.

4. أينت: لغة فصيحة في أين الاستفهامية.

5. الحواء: أبيات حقيرةـ و الفدن: القصر.

6. الهدن: جمع هدنة، و حياة الهدنة مضلة.

7. الأذواء: أمراء اليمن في القديم، جمع ذو.

8. الأبناء: طائفة من الفرس استوطنوا اليمن.

9. غامد: قبيلة يمنية.

10. يافع: كذلك، ثم أطلق على موطن باليمن.

11. عبد كلال: أبو قبيلة يمنية.

12. ذو كلاع: من أذواء اليمن.

13. أخلى الشاعر إذا كان شعره ليس فيه معنى جيد.

14. المثل هو: تفرّقوا أيدي سبا.

15. بكيل و حاشد: قبيلتان باليمن ما زال اسمهما محفوظا.

16. عوافي الطير و السباع هي المفترسات منها.

17. الغوافي: النائمة.

18. الأقيال: الملوك من عرف اليمن القديم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير